[27] (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ
عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) الإنسان الذي يريد النظر يكفيه
البصيص من النور، أما الذي لا يريد أن يبصر فضوء الشمس لا يكفيه
(قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ)
يريد الإنسان الهداية فيهديه الله، ويريد الضلالة فيمد الله له في ضلالته وهذا
واضح من الاسم الموصول من الذي يطلق للعاقل.
[28] (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ
بِذِكْرِ اللَّهِ) الاطمئنان: السكون والاستقرار. والقلب المطمئن هو
نفسه النفس المطمئنة كما قال سبحانه في آخر سورة الفجر (يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً
مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي)
(الفجر: 30 26). وذكر الله هو مطلق توجه الإنسان لله (أَلا
بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) في زحمة
الحياة ومع تراكم الأعمال، ومع جو الإرهاق والعمل، واثناء القلق النفسي الذي يعصف
بالكثيرين تركن النفس وتطمئن لذكر الله، وحري بنا أن نعالج مشاكلنا النفسية بذكر
الله لأنه أنجع علاج يمكن أن يستفيد منه الإنسان وخاصة في هذا الزمن، زمن التيارات
والصراعات التي يغذيها الاستعمار شرقه وغربه.
[29] (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) في الدرس السابق بعد ذكر صفات
المؤمنين ذكر مصيرهم بقوله (أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى
الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ
كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
(الرعد: 24 22). أما الآن فيذكر مصيرهم بأن لهم طوبى وحسن مآب. ولعل المراد من
الطوبى الحياة الأعظم طيباً. وهذا يدلل لنا بأن للمؤمنين في الجنة في كل يوم صنف
جديد من النعيم، فلا هم يملون، ولا الله يقتر عليهم.