وإني لم أصل إلى معنى جامع يستوعب هذا التفسير، والتفسير السابق الذي
ورد بعض النصوص تؤكده أيضاً، بلى، قد نقول: إن رفع اليد علامة الاستعداد للتضحية
بالنفس كأن الإنسان يشير إلى نحره، وأنه يقدمه قربانا لربه، بينما نحر البدن في
منى هو المعنى الحقيقي للكلمة.
وإلى هذا ذهب طائفة من المفسرين حيث قالوا وَانْحَرْ:
بمعنى ابدأ النحر، ولا يبدأ النحر إلا عند الاعتدال، وقالوا أن منه التناحر بمعنى
التقابل، ولكن يبدو أن المعنى الأول ينسجم مع ظاهرة قرآنية: فلا يذكر الصلاة إلا
مقرونة بالزكاة أو الإنفاق.
[3] من إعجاز القرآن أنه بشر رسوله بالكوثر، يوم كانت
عصابات قريش تحاصره، وتعذب أنصاره، وتكاد تقضي عليه، واليوم أصبح دين الإسلام
ظاهرا في الأرض، والرسول أعظم شخصية عبر العصور وفي كل الآفاق .. بينما انقطع نسل
شانئيه، وأصبحوا أحاديث وعبر، كما قال ربنا سبحانه. إِنَّ
شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ لقد قطع ذكره إلا باللعنة والبراءة.
سواء كان هذا الشانئ هو العاص بن وائل أو أبو جهل أو عقبة بن أبي معيط أو غيرهم،
وسواء كانت مناسبة حديثهم عن الرسول بموت القاسم ابن رسول الله في مكة، أو إبراهيم
ابنه في المدينة فإن الأمر لا يختلف، إذ أن ذلك الخط الجاهلي قد انقطع وانبتر،
وبقي خط النبي صلى الله عليه واله يضيء عبر العصور. والشانئ: هو العدو الحاقد،
والأبتر: من البتر بمعنى القطع، وكانت العرب تسمي الذي لا ولد له بالأبتر، وقيل:
اتهم النبي بهذه الصفة لأنه تركهم وانبتر عنهم وخالفهم، ولكنهم هم الذين انبتروا
وأصبحوا شذاذا.
[1] السنن الكبرى: ج 2، ص 76، بحار الأنوار: ج 81 ص 351.