responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 10  صفحه : 14

الحقائق) في حين أن المقسم عليه يمثل الغيب (الحقائق الخافية أو المعنوية)، والصلة بين الاثنين قائمة في عالم التحقيق، ولكننا ربما جهلناها أو غفلنا عنها، فتأتي الآيات لتوضحها وتذكرنا بها، وهذا ما نجده في سائر آيات القرآن.

2- وفي القَسَم القرآني علاج لغرور البشر، ليخرج من كبره وقوقعة ذاته إلى رحاب الحقائق، ذلك أن القَسَم ينطوي على تذكيره بما حوله من مخلوقات عظيمة، كالبحار التي هي أعمق منه، والسماء التي هي أوسع منه، والجبال التي هي أطول وأضخم من جسمه، وهذا التوجيه والإلفات إلى الحقائق التي تلتقي كلها عند التذكير بالله، لا شك أنه سوف يُحدث في نفسه انبهاراً إيجابياً بعظمة الخالق مما يقوده إلى التسليم إليه .. والقرآن يصرح بهدف تحطيم كبرياء الإنسان من وراء ذلك عندما يقول وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا [الإسراء: 37].

3- كما تبين الآيات من خلال القسم في كثير من موارده حسن التدبير وسلامة الصنع في الخلق، وبالتالي دلالة ذلك على هدفية الحياة، هذه الحقيقة التي ينبغي للإنسان إدراكها، وتكييف تفكيره وسلوكه وفقها، فهل يعقل أن تكون مفردات الحياة (الجبل، والكتاب، والجلد الذي يسطر عليه، وبيت العبادة، والسماء، والبحر) كلها ذات حكمة وهدف إلا الإنسان حتى يخوض ويلعب؟! كلا .. إنه الآخر خُلِق لهدف فلا بد أن يتعرف عليه، ويسعى لتحقيقه، وإلا راح طعمة لنار جهنم تقع عليه ألوان من العذاب لا يدفعها عنه شي‌ء.

وَالطُّورِ قَسَماً بالجبل وما يمثله من مظاهر قدرة الله وحكمته، وأي جبل هو طور في اللغة، ولكن أبرز الجبال وأعظمها التي يتوجه لها هذا القسم بصورة خاصة هو طور سيناء الذي تلقى النبي موسى عليه السلام عنده الوحي، والذي نتقه الله ورفعه على رؤوس بني إسرائيل حينما عصوا الرسول، وكذلك جبال مكة التي تلقَّى فيها نبينا محمد صلى الله عليه واله الوحي عند غار حراء، فذكر الطور إذن يذكر المؤمنين بآيات وجوانب كثيرة من قصة رسالة إلهية عظيمة .. لهذا نجد ذكره يقترن بذكر الكتاب الذي أنزل على جنباته، لذلك يقسم الرب مباشرة بالكتاب فيقول وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ وهذا التلازم نجده في دعاء لفاطمة عليها السلام عن أبيها صلى الله عليه واله فيه

«الحَمْدُ لِله الَّذِي خَلَقَ النُّورَ مِنَ النُّورِ، وَ أَنْزَلَ النُّورَ عَلَى الطُّورِ، فِي كِتابٍ مَسْطُورٍ، فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ، بِقَدَرِ مَقْدُورٍ، عَلَى نَبِيٍّ مَحْبُورٍ» [1].

ولأن الكتاب بذاته لا يتم به النفع مهما بلغ من الكمال إذا كان معطلًا ومطوياً جاء القسم به حال كونه منشورا يُرى ما فيه من الآيات.


[1] بحار الأنوار: ج 43، ص 66.

نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 10  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست