الإنسان الرئيسية في الحياة ويقول: (إنك حين تنظر إلى السماء والأرض،
فإن أول ما يملأ عينك هو: الاختلاف الواسع فيها). وأبرز اختلاف هو: (تناوب الليل
والنهار)، وهذا يدعوك إلى التفكر لماذا الاختلاف؟ وتجد الجواب ببساطة: لأن لكل
شيء هدفا محددا يحققه، الليل يأتي ليحقق أهدافا معينة، ثم يعقبه النهار لأهداف
أخرى، إذن لكل شيء قدر وهدف محدد.
ترى أي هدف للحياة؟ وإذا انحرفنا عن مسيرة هذا الهدف فما هو مصيرنا؟
أليس النار والخزي؟! دعنا إذا نتوجه إلى الله، وهنا يهبط الوحي، ليوجه فطرتنا
الصادقة ويبين لنا: كيف نسير حتى نحقق هدف حياتنا. والمؤمنون الصادقون يهرعون إلى
الاستجابة للوحي، ويحاولون تحقيق مهامهم بدقة ابتغاء مرضاة الله.
ولكن الله يشترط عليهم شروطا، تبدو متعبة لنا، أما للذي وضع هدفه
الأساسي خلاص نفسه من نار جهنم، فإنه عمل بسيط وهو الإيمان والتحدي، وتحمل الأذى
في الله والهجرة والقتال والاستشهاد في الله.
بينات من الآيات
[190] كيف خُلقت السماوات والأرض، وهي
لاتزال تُخلق وتتطور حسب خطة حكيمة، وإرادة مطلقة، ويد قوية؟. ما هذا الليل الذي
يلف الكون بظلامه وسكونه؟ وما هذا النهار الرائع الصاخب؟ ومن يسلخ النهار من
الليل، فيغرق الكون في بحر من الهدوء والظلام؟.
إنها حقائق تثير عقول الذين ينفذون إلى لب الحياة، وما وراء قشورها
من أنظمة وأهداف إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ.
[191] إن هؤلاء أصحاب العقول النيرة،
يعرفون ربهم في أول نظرة إلى الحياة، ولا يرون ظاهرة في الحياة، إلا ويذكرون ربهم،
لأنهم يعبرون فوق جسر الظاهرة بسرعة، ويصلون إلى الحقيقة، التي تقول: إن الله هو
خالق هذه الظاهرة، ومدبرها الآن، والذي يطورها من حال لحال ومن لحظة لأخرى.
فهم يذكرون الله قياما وقعودا، وذكرهم آتٍ من تفكرهم العميق في ظواهر
الحياة، وتفكرهم سليم لأنه سوف يؤدي إلى معرفة الحقائق، وأبرزها معرفة أن الحياة
ليست باطلا وبلا هدف، وليست فوضى وبلا سنن، وهدف حياة الإنسان وسنتها التي تتحرك
ضمنها هو: التقوى، والالتزام بمنهج الله الذي يلتزم به ما في السماوات والأرض،
وإلا فإن نهاية الإنسان