حرم يعقوب على نفسه بعض الطعام وكان ذلك من أجل ترويض نفسه على الزهد
انطلاقا من قاعدة لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا
مِمَّا تُحِبُّونَ وأكرم الله يعقوب بهذه النية الصادقة فحرم على
بنيه لِبَنِي إِسْرَائِيلَ تلك الأطعمة اقتداء بأبيهم
إسرائيل يَعْقُوبَ. وكان تحريم الطعام قانونا مؤقتا ذا
هدف محدد.
ولكن بني إسرائيل تشبثوا بهذه المحرمات الوقتية واتخذوا منها ذريعة
لعدم الاعتراف بالنبي محمد، ولو أنهم راجعوا التوراة لوجدوا كيف أنها كانت محرمات
وقتية، وذات صبغة خاصة.
وهذا مثل لنوع الحجج التي يستند إليها علماء بني إسرائيل في رفضهم
للرسالة الجديدة، وهو يعتمد على القشرية والجمود على الأشخاص وعلى سيرتهم.
ويعارض القرآن مثل هذه الحجة حين يطرح إبراهيم شخصيةً بديلةً عن
يعقوب يوحد بين جميع الديانات.
ويستدل على ذلك بأن إبراهيم كان أبا للجميع وهو باني الكعبة التي
يقدسها العرب، وهناك دلالة واضحة على ذلك في مقام إبراهيم، وفي أن الدعوة إلى الحج
دعوة عامة تشمل القادرين، ثم يذكر القرآن أهل الكتاب بأن خلافهم هذا يسبب في
ابتعاد الناس عن الدين.
ويوجه خطابه إلى المسلمين فيدعوهم إلى الحذر من اتباع أهل الكتاب
لأنهم ليسوا- في الواقع- دعاة للدين إنما خونة للرسالة وهم يدعون إلى الكفر.
بينات من الآيات
تقديس الأشخاص يعرقل سبيل الوحدة
[93]* كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي
إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ إسرائيل اسم يعقوب وهو الجد الأعلى
لقبائل بني إسرائيل. وقد حرَّم على نفسه بعض أنواع الطعام فاتبعه بنوه على ذلك ولم
يكن هذا التحريم شريعة إلهية ثابتة. والشواهد على ذلك موجودة في كتاب التوراة
ذاته قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ وسوف تجدون فيه كيف أن تحريم الطعام لم يكن أبديَّا وبالتالي فإن
رسالة محمد