{ و إذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل } الميثاق
هو العهد الغليظ، وسياق الآية الكريمة يشهد أن الخطاب لليهود المعاصرين
للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فيكون نقل الحكاية هذه تذكيرا لهم بما وقع من
أسلافهم من العناد وعدم الإيمان، وتوبيخا لهم على سوء صنيعة أبائهم، وفي
نفس الوقت يكون درسا بليغا للمؤمنين ومحفزا لهم على الالتزام الدقيق
بالأحكام جميعا كي لا ينتهي مصيرهم إلى ما انتهى إليه مصير أولئك، وكي
يقطعوا الأمل عن إيمان اليهود والمعاصرين لهم. { لا تعبدون إلا اياه } و قد بدأ بأعلى الحقوق وأهمها وأعظمها على الإطلاق، وبذلك قد أمر جميع خلقه وبريته قال تعالى: { و قضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ اياه } [1]. وقال تعالى: { و لقد بعثنا في كل أمة رّسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت } [2].
و استعملت الجملة الخبرية في مقام الانشاء لتكون أبلغ دلالة على الطلب من
صريح الأمر، حيث يفرض المطلوب فيها أمرا محققا وواقعا بالفعل في الخارج
وكأنه شيء مفروغ عنه. { و بالوالدين إحسانا } الإحسان غاية البر ونهاية العطف.
و قد قرن اللّه الإحسان إلى الوالدين واحترامهم بعبادته في غير مورد من القرآن الكريم، للدلالة على عظم أمره وعلو مقامه قال تعالى: { و اعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } [3].
و قال تعالى: { قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم ألاّ تشركوا به شيئا }