و قد
اختلفوا في أنّ الهيولى و الصورة تركيبهما اتّحادي أم انضمامي،فذهب
المحقّقون إلى الأوّل و استدلّوا عليه بأنّه لو كان انضماميّا فذلك الجزء
أيضا له ما به الامتياز و ما به الاشتراك،و هذا يلزم منه التسلسل الباطل.
و كيف كان،فظاهر كلام الفلاسفة في باب الهيولى و الصورة و الجنس و الفصل
يقضي بالمغايرة الاعتباريّة بل يصرّح به قولهم:إنّ طور الشيء لا يكون
مباينا له،
و كيف كان،فلا محيص عن القول بأخذ مفهوم الشيء في المشتقّ،و بهذا يحصل
التغاير الذاتي بين المبدأ و المشتقّ مفهوما،فإنّ مفهوم أحدهما غير مفهوم
الآخر و ما ذكر من أنّه من أطواره مختصّ أوّلا بالعرض،و المشتقّ ليس عرضيا
دائما حتّى يكون وجودها في أنفسها عين وجودها لغيرها،فإنّ المبادئ في
المشتقّ قد يكون أمرا اعتباريّا كالإمكان و الوجوب و الامتناع.و ثانيا أنّ
العرض مغاير للذات التي يعرض ذلك العرض عليها فكيف يدّعى اتّحادهما؟
و بالجملة،فالحقّ مع صاحب الفصول في كون مفهوم المشتقّ مركبا كما تقدّم تحليلا.
التنبيه الثالث:في ملاك الحمل
لابدّ بين المحمول و الموضوع من اتّحاد من جهة و مغايرة من جهة اخرى لئلاّ
يكون الحمل حملا للضدّ على ضدّه و لئلاّ يكون حملا للشيء على نفسه.
فقد يكون الاتّحاد في مقام الذات و التغاير في أمر خارج عن الذات كما في
قولنا: الإنسان حيوان ناطق،فإنّ الذات متّحدة فيهما و المغايرة إنّما هي
بالإجمال و التفصيل ليس إلاّ،فإنّ الإنسان إجمال للحيوان الناطق و هما
تفصيل لإجماله.و منه الإنسان بشر،فإنّ الذات متّحدة و التغاير اعتباري كما
قيل،فإنّ الإنسان مشتقّ من الانس كما قيل[1]فهو
في قبال الوحش،و البشر في قبال ملك فإنّه من المباشرة التي لا تكون
للملك،و هذا الحمل يسمّى أوّليا ذاتيّا كما يسمّى بالذاتي فقط.