بعض الأصحاب-[1]لأن البحث فيها يكون عن مطهّريّة النار وقد نسب [2]القول بذلك إلى الشيخ في النهاية، والاستبصار، وإلى ظاهر الفقيه، والمفيد في المقنعة.
و الصحيح: ان النار بنفسها لم يدل دليل على مطهريتها لشيء، وان إحالته إلى
شيء آخر فضلا عما إذا أوجبت فيه مجرد التجفيف أو الغليان، فالخشبة
المتنجسة-مثلا-إذا استحالت بإحراق النار رمادا أو دخانا تطهر بالاستحالة لا
بالنار، إذ لو كانت الاستحالة بغير النار لطهرت أيضا بل عدّ الاستحالة من
المطهّرات لا يخلو عن المسامحة، لأن ارتفاع النجاسة حينئذ انما يكون
بارتفاع موضوعها، والمستحال إليه يكون موضوعا آخر محكوما بالطهارة، لعدم
تعدّي الأحكام الثابتة للموضوعات النجسة إلى غيرها. فمتى صارت العذرة رمادا
لحقها حكم الرماد وارتفع عنها حكم العذرة، إذ لا يعقل بقاء الحكم مع
ارتفاع موضوعه، فالنار بنفسها لا ترفع نجاسة النجس وان إحالته إلى شيء
آخر، فضلا عما إذا جفّفته كخبز العجين المتنجس، أو أوجبت الغليان فيه، كطبخ
المرق المتنجس بالدم، كما هو المبحوث عنه في هذه المسألة.
و كيف كان فالروايات الّتي تتوهم دلالتها على مطهريّة النار خمسة، اثنتان
منها وردتا في خبز العجين الّذي عجن بماء وقعت فيه الميتة، وثلاثة منها في
المرق الّذي وقع فيه الدم. ولا يمكن الاعتماد على شيء منها لضعفها سندا أو
دلالة.