فی لغز بدایة الحیاة نقطة یجب أن یقف العلماء أمامها، لنقص الحجج. أجل هناک قرائن کثیرة یمکن إقرارها علمیا. غیر أنّ بدایة الحیاة بلغت من العجب، و النتائج المترتبة علیها بلغت من التشعّب، بحیث إنّ أکثر العلماء البیولوجیین علما لا بد أن تتملکه الدهشة. فهو بوصفه عالما لا یستطیع أن یؤمن بالمعجزات، و لکنه بوصفه إنسانا ذکیا یجد- نتیجة لبحثه و بحوث غیره- أنّ معظم الکائنات الحیّة الآن تتطوّر من خلیة میکروسکوبیة فریدة، علی أثر خروجها من طور الحیاة تحت المیکروسکوب و اقترابها من طور السدفة الذرّیة. و یبدو أنّ تلک الخلیة قد وهبت القدرة علی التکاثر، و مواءمة نفسها علی أشکال عدیدة من الحیاة، و أنها أعدّت لکی تعیش فی کلّ رکن و شقّ علی ظهر الأرض. و العلم یقرّ بأنّ الواقع لا یمکن أن یکون إلّا کذلک. و یعتقد البعض أنّ هذا مصادفة من المواد الکیمویة و الماء و الوقت. و یری البعض الآخر النظام ماثلا فی کلّ جانب فسیح من الحیاة، إذ تمضی قدما من منبعها إلی هدفها- سواء أ کانت ستصبح حیوانا رخوا أم إنسانا- دون أن تعبر الفجوة مرّة اخری.
و الآن لنعالج الموضوع بشعور من الإجلال، لا تحدّه الحدود الدقیقة التی تفرضها العقائد الدینیة، أو الحقائق العلمیة بشأن سبب الحیاة و مصدرها، و لنصوّر