قال
ابن عبّاس: لمّا نزلت هذه الآیة انطلق من کان عنده یتیم، فعزل طعامه من
طعامه و شرابه من شرابه، فجعل یفضل الشیء، فیحبس له حتّی یأکله أو یفسد.
فاشتدّ ذلک علیهم. فذکروا ذلک لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله فأنزل
اللّه: وَ یَسْئَلُونَکَ عَنِ الْیَتامی قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَیْرٌ وَ
إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُکُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ
الْمُصْلِحِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَکُمْ. فخلطوا طعامهم بطعامهم و شرابهم بشرابهم [1]. و کذلک رفع هذا المنهج القرآنی هذه الضمائر الی ذلک الأفق الوضیء و طهّرها من غبش الجاهلیة ذلک التطهیر العجیب.
عبادات الإسلام:
لقد أضاف الإسلام الی مفاهیمه عن الوجود و عن المبدأ و المعاد واجبات
دینیة عملیة، هی فرائض و عبادات و طقوس دینیة، بغیة المحافظة علی تلک الروح
الدینیة الوقّادة عند المسلمین. و أهمّ هذه الواجبات أو أرکان الإسلام
العبادیة هی: الصلاة و الصیام و الحجّ و الزکاة أو الصدقات بعمومها. إنّ
وعی النفس البشریة و إدراکها لوجود قوّة عظیمة شاملة، و شعور الانسان بعجز
و قصور فی نفسه، الی جنب غریزة المیل الی الکمال، کلّ ذلک یجعل العاطفة
متدفّقة من قلبه علی شکل کلمات و تعابیر طافحة بالحبّ و الشکر- إن ساعده
الحظّ- أو بالندم و الحسرة علی ما فرّط منه، نحو تلک القدرة الکاملة ذات
العطف و الرحمة الشاملة. هذه طبیعة الانسان الجائشة بالحبّ و الحنان. و
ما الصلوات و الأدعیة و الأذکار سوی صور مجسّدة لتلکم العواطف النبیلة
(1)
راجع مجمع البیان للطبرسی: ج 2 ص 317 عند تفسیر الآیة رقم 220 من سورة
البقرة، و جامع البیان للطبری: ج 2 ص 217.