کانت لیونان القدیمة آلهة لا یحصرها عدّ، حسب تنوّعها و تفرّق أفرادها. و
کان لکلّ إله من الآلهة اسطورة متّصلة به تشرح سبب وجوده فی حیاة
المدنیّة، أو تفسّر الطقوس التی تقام تکریما له. و قد أصبحت هذه الأساطیر
التی نشأت نشأة تلقائیة ممّا فی المکان و ممّا لدی الناس من معارف، أو کانت
من وضع الشعراء الدوارین و زخرفهم. أصبحت هذه الأساطیر عقیدة الیونان
الأوّلین و فلسفتهم و آدابهم و تاریخهم جمیعا. فمنها استمدّوا الموضوعات
التی زیّنوا بها مزهریّاتهم، و هی التی أوحت الی الفنّانین ما لا یحصی من
الرسوم و التماثیل و النقوش، و قد ظلّ الناس الی آخر أیّام الحضارة
الهیلینیة یخلقون الأساطیر، بل یخلقون الآلهة أنفسها، رغم ما انتجته بحوثهم
الفلسفیة، و رغم محاولات عدد قلیل منهم دعوة الناس الی التوحید. لقد
کان فی وسع رجال- من أمثال هرقلیس- أن یعدّوا أمثال هذه الأساطیر مجرّد
مجازات و تشابیه، و فی وسع آخرین- أمثال أفلاطون- أن یعدّلوها و یوفقوا
بینها و بین ما تقبله العقول، و فی مقدور رجال- أمثال زنوفانیر- أن یندّدوا
بها و ینبذوها. غیر أنّ پوزیناس- حین طاف ببلاد الیونان بعد خمسة قرون من
عهد أفلاطون- وجد الخرافات و الأساطیر التی کانت تثیر الحمیّة فی قلوب
الأهلین فی عصر هومر لا تزال حیّة قویّة. و إلیک بعض التفصیل عن ذلک الحشد الکبیر من الآلهة المصطنعة: