أَ لَمْ تَرَ إِلی رَبِّکَ کَیْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ
لَجَعَلَهُ ساکِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَیْهِ دَلِیلًا* ثُمَّ
قَبَضْناهُ إِلَیْنا قَبْضاً یَسِیراً [1]. إنّ الظلّ الوریف اللطیف
الذی یوحی الی النفس المجهودة المکدودة بالراحة و النداوة و السکن و الأمان
هو الظلّ الذی یبدأ بروحه و نسیمه فور تحوّل الشمس هبوطا من قبّة السماء
(دائرة نصف النهار). تکاد تمتدّ و تنبسط نفحتها کلّما أخذت الشمس تقترب من
افق مغربها. و اذا هی تبزغ أشعّتها عند الصباح، و اذا بالأظلّة تبدو علی
أطولها، ثمّ تأخذ فی التناقص کلّما ارتفعت الشمس وسط السماء. فهذا الظلّ
یتحرّک مع حرکة الأرض فی مواجهة الشمس، فتتغیّر أوضاعه و امتداداته و
أشکاله، و الشمس تدلّ علیه بضوئها و حرارتها و تمیّز مساحته و امتداده و
ارتداده. و هذا المدّ و القبض إنّما هی بفعل حرکة الأرض حول محورها تجاه عین الشمس الوهّاجة، و هی تحصل فی کلّ 24 ساعة یوما کاملا. و
شیء آخر: إنّ محور الأرض- فی دورتها حول نفسها- ینحرف قلیلا عن مستوی
فلکها (أی مدارها السنوی) و یکون انحرافه بزاویة قدرها 5/ 23 درجة، الأمر
الذی یسبّب تعاقب الفصول الأربعة. و کلّما ابتعدت الشمس عن خطّ الاستواء
شمالا أو جنوبا فإنّ الظلال تختلف امتدادا و تقلّصا، فلا یستوی الظلّ فی