الإعجاز: مصدر مزید فیه من (عجز) إذا لم یستطع أمرا، ضد (قدر) إذا تمکّن
منه. یقال: أعجزه الأمر، إذا حاول القیام به فلم تسعه قدرته و أعجزت
فلانا: إذا وجدته عاجزا أو جعلته عاجزا. و المعجزة- فی مصطلحهم- تطلق
علی کلّ أمر خارق للعادة، إذا قرن بالتحدّی و سلم عن المعارضة، یظهره اللّه
علی ید أنبیائه لیکون دلیلا علی صدق رسالتهم [1]. و هی تتنوع حسب تنوع
الأمم المرسل إلیهم فی المواهب و المعطیات، فتتناسب مع مستوی رقیّهم فی
مدارج الکمال، فمن غلیظ شدید إلی رقیق مرهف، و من قریب مشهود إلی دقیق بعید
الآفاق. و هکذا کلّما تقادمت الأمم فی الثقافة و الحضارة فإنّ المعاجز
المعروضة علیهم من قبل الأنبیاء
(1) الإعجاز ضرورة دفاعیة قبل أن تکون
ضرورة دعائیة ... إنّ رسالة الأنبیاء علی وضح من الحقّ الصریح، و لا حاجة
إلی إقامة برهان له دعوة الحقّ. و بالحقّ أنزلناه و بالحق نزل. ذلک الکتاب
لا ریب فیه. یا أیها الناس قد جاءکم الحقّ من ربّکم. و یری الذین اوتوا
العلم الذی انزل الیک من ربّک هو الحقّ. و لیعلم الذین أوتوا العلم أنّه
الحقّ من ربّک فیؤمنوا به ... نعم، و أکثرهم للحقّ کارهون. و جحدوا بها و
استیقنتها أنفسهم ظلما و علوّا .. و من ثمّ و قفوا فی سبیل الدعوة إما
معارضة بالوساوس و الدسائس و عرقلة الطریق، فدعت الضرورة الی الدلیل المعجز
استیقانا و دفعا للشبهة، أو مکافحة بالسیف فدعت الحاجة إلی القتال و
الجهاد ..