و
استدل- أیضا- بأنّا وجدنا اسم «الحی» مشتقا من «الحیاة» و «العالم» مشتقا
من «العلم» و «القادر» من «القدرة» و هلّم جرا. فلا تخلو أسماء اللّه إمّا
مشتقة لإفادة معانیها أو لمجرد التلقیب بلا إفادة معنی. و لا شکّ أنّ
الثانی غیر جائز. فثبت أنّها مشتقة و مفیدة لمعانیها، إذن فمعنی عالم: أنّه
ذو علم، و معنی قادر: أنّه ذو قدرة، و معنی حی: انه ذو حیاة. فقد وجب
اثبات العلم و القدرة و الحیاة للّه عزّ و جلّ، کما هو الشأن فی اثبات هذه
المعانی فینا عند ذکر هذه الأوصاف لبعضنا [1]. و قد تبین مما قدمنا فساد
هذه المغالطة الأشعریة، إذ لا یرید المعتزلة: أنّه تعالی لا علم له، بل
یفسرونه بما لا یستلزم زیادة صفة علی ذاته المقدسة. و من ثمّ فقد حار
الأشعری تجاه شبهة: «تعدد القدیم» و لجأ إلی قولة مبهمة، عجز هو و أصحابه
عن إفصاحها، قالوا: «و هی لا هو و لا غیره» [2] و اعترض علیهم بانّه رفع
للنقیضین، بل هو فی الحقیقة جمع بینهما، فأجابوا بما یزید تیها فی الضلال، و
شناعة فی المقال [3].
صفات فعل:
و هکذا أجمعت الأمّة علی أنّه تعالی مرید، متکلّم، خالق، رازق، محی،
ممیت. و اصطلح أهل الکلام بتسمیتها صفات فعل، أی أنّها أفعاله تعالی، قد
یتّصف بها و قد لا یتصف، لأنّه قد یفعلها و قد لا یفعلها، فهو تعالی قد
یرید شیئا فهو مرید له، و قد لا یریده فلیس بمرید له، و هو قبل أن یخلق
خلقا لم یکن خالقا له، و لمّا خلق صحّ اطلاق اسم الخالق علیه تعالی، و
هکذا.
(1) الابانة: ص 44- 48. (2) الملل و النحل للشهرستانی: ج 1، ص 95. و شرح العقائد النسفیة: ص 32. (3) راجع: شرح العقائد النسفیة للتفتازانی: ص 39.