الأشیاء لدیه شهود، لا یحتجب عنه شیء. و معنی أنّه قادر: أنّه یفعل ما یرید، لا یعجزه شیء و لا یحول دون ارادته شیء. و
هذا التفسیر التنزیهی لجمیع أوصافه تعالی یتلخص فی قولهم: «خذ الغایات ودع
المبادئ». و هذا هو مرادهم من نفی الصفات. انّهم یصفونه تعالی بما وصف به
نفسه، و ینزهونه عن اقتران مبادئها بذاته المقدسة. و قال الأشعری: انّه تعالی عالم بعلم، قادر بقدرة ... الخ، و تشبث بظواهر آیات، منها: 1- فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ [1]. 2- لکِنِ اللَّهُ یَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَیْکَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ [2]. 3- وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثی وَ لا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [3]. 4- وَ لا یُحِیطُونَ بِشَیْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [4]. 5- أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِی خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً [5]. 6- إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِینُ [6]. قال:
و زعمت الجهمیة أنّ اللّه عزّ و جلّ لا علم له و لا قدرة و لا حیاة و لا
سمع و لا بصر له، و أرادوا أن ینفوا أنّ اللّه عالم قادر حیّ سمیع بصیر،
فمنعهم السیف، فأتوا بمعناه. لأنّهم إذا قالوا: لا علم للّه و لا قدرة له
فقد قالوا: إنّه لیس بعالم و لا قادر و هذا إنّما أخذوه عن أهل الزندقة و
التعطیل. و قال- ردّا علی المعتزلة-: أ تقولون إنّ للّه علما سابقا بالأشیاء؟ فان قالوا: نعم،
فقد أثبتوا العلم، و ان قالوا: لا، قیل لهم: هذا جحد منکم لقول اللّه عزّ و
جلّ: «أنزله بعلمه». و ذکر بقیة الآیات. (1) هود: 14. (2) النساء: 166. (3) فاطر: 11، و فصلت: 47. (4) البقرة: 255. (5) فصلت: 15. (6) الذاریات: 58.