مسألة عصمة الأنبیاء جمیعا مما اتفقت علیه کلمة المسلمین، فقالوا: یجب
أن یکون النبیّ المرسل من عند اللّه معصوما عن الخطأ و الزلل، و إلّا لزالت
الثقة به عند الناس و هان أمره و لم تکن له کرامة! لکنهم اختلفوا من ذلک
فی موضعین: الأوّل: فی خصوص الصغائر، فقال جمهور أهل السنة: یجوز ان
یرتکب النبیّ صغائر الذنوب، و لو فی حال نبوته، ما لم یکشف عن خسة فی نفسه
أو ان یمس کرامته المنیعة. الثانی: فی الکبائر قبل الوحی علیه. فقالت
الأشاعرة: یجوز أن یرتکب النبیّ- قبل ان یبعث- الذنوب و الکبائر کلها ما
عدا الکفر و الشرک باللّه العظیم [1]. أمّا المعتزلة فقالوا بامتناع ذلک
علیه اطلاقا [2]. أمّا الامامیة فقالوا بوجوب عصمة کلّ نبیّ عن الذنوب کلها، صغیرها و کبیرها اطلاقا، قبل البعثة أم بعدها [3]. و
یتلخص الاستدلال علی ذلک فی أن ارتکاب الآثام یوجب تنفّرا فی طباع الناس،
فضلا عن زوال الثقة عمن جاز بشأنه ارتکاب الذنوب و الخطایا
(1) راجع: شرح
العقائد النسفیة لمسعود بن عمر التفتازانی: ص 102 (ط کابل). (2) راجع: شرح الاصول الخمسة لقاضی القضاة: ص 574- 575 (ط القاهرة). (3) راجع: شرح تجرید الکلام للعلامة ابن المطهر الحلّی: ص 195 (ظ بومبای).