استدلت الأشاعرة بهذه الآیة علی أنّ الایمان لیس اختیاریا، و إنّما هو فعله تعالی یجعل من یشاء مؤمنا و من یشاء کافرا. و
الجواب: أنّ التزکیة- هنا- اخبار عن طهارة النفس و مدح بحسن الأحوال فلا
ینبغی لأحد أن یخبر عن نفسه بحسن النیة و طیب السیرة، بل اللّه هو الذی
یعلم الخبیث من الطیب. 33- أَ تُرِیدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلًا [1]. و
الاضلال- هنا- خذلان و عقوبة عاجلة علی لجاجهم فی الکفر، بدلیل صدر الآیة
فَما لَکُمْ فِی الْمُنافِقِینَ فِئَتَیْنِ وَ اللَّهُ أَرْکَسَهُمْ بِما
کَسَبُوا. 34- وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَیْکُمْ [2].
المشیئة هنا تکوینیة، و لم یردها اللّه بشأن هذه الحیاة فیما یخص باب
التکالیف و التمحیص و الاختبار. 35- إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ
کَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا، ثُمَّ ازْدادُوا کُفْراً، لَمْ
یَکُنِ اللَّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیلًا [3]. تمسک
بها الأشعری علی أنّه تعالی أضل الکافر و لم یهده السبیل. و الجواب:
أنّ هذه المعاودة علی الکفر و اللعب بأمر الدین، هو الذی جعلهم بمعزل عن
جادة الهدی و الطریق الوسطی، فلم یهتدوا إلی سبل السلام، و حرموا غفرانه
تعالی و استحقوا الخذلان. 36- فَبِما نَقْضِهِمْ مِیثاقَهُمْ وَ
کُفْرِهِمْ بِآیاتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِیاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ
قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ. بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَیْها بِکُفْرِهِمْ
فَلا یُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِیلًا [4]. تقدم أنّ الطبع و الختم علی
القلوب کنایة عن استفزازهم لقبول الحق، فکأنّهم و قبول الحق شیئان متنافران
أحدهما عن الآخر. و هی حالة جمود نفسی تحصل علی أثر الانهماک فی الفساد و
الاصرار علی الکفر و الطغیان (1) النساء: 88. (2) النساء: 90. (3) النساء: 137. (4) النساء: 155.