و سفها. فکانوا إذا طافوا بینهما مسحوهما تبرّکا ... ثمّ
لمّا جاء الإسلام و کسرت الأصنام، تحرّج المسلمون عن الطواف بینهما، زعما
انّه کان من بدع الجاهلیة تقربا الی الصنمین .. فنزلت الآیة لترفع هذه
الشبهة عن أذهان المسلمین [1]. قال الإمام الصادق (علیه السلام): کان المسلمون یرون أنّ الصفا و المروة ممّا ابتدع أهل الجاهلیة، فأنزل اللّه هذه الآیة [2]. و
روی عنه أیضا: أنّ ذلک کان فی عمرة القضاء. و ذلک أنّ رسول اللّه (صلی
اللّه علیه و آله) کان قد شرط علیهم أن یرفعوا أصنامهم، فتشاغل رجل من
أصحابه حتی اعیدت الأصنام، فجاءوا الی رسول اللّه (صلی اللّه علیه و آله)
فسألوه عن ذلک، و قیل له أنّ فلانا لم یطف تحرّجا لما قد اعیدت الأصنام .. فأنزل اللّه هذه الآیة .. [3].
و قال تعالی: «لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ
جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا
الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ
اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ» [4]. قد یزعم زاعم أن لا بأس بتناول
الخمرة إذا قوی إیمان الرجل و صلح عمله، فإنه لا یضرّه شرب المسکر قلیلا ..
هکذا کان یزعم عمرو بن معدی کرب کما قیل [5]. و قیل: هو قدّامة بن مظعون
[6]. سوی أنّ الآیة نزلت فیمن سلفت منه هذه الشنیعة المنکرة ثم تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدی، فقد عفا اللّه عما سلف. (1) راجع أسباب النزول للواحدی: ص 25. (2) مجمع البیان: ج 1 ص 240. (3) تفسیر العیاشی: ج 1 ص 70 ح 133. (4) المائدة: 93. (5) الإتقان: ج 1 ص 83. (6) التفسیر و المفسرون ج: 1 ص 60.