آمَنوا تُوبُوا إلی اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسی رَبَّکُم أنْ یَکَفِّرَ عَنْکُم سَیِّئاتِکُمْ [1]. و
معنی النصوح: الخالص للّه خالیا عن شوائب الأغراض، من مال أو جاه او خوف
من سلطان أو عدم أسباب، و الامر للوجوب، فتکون التوبة واجبة بمقتضی
الآیتین. و أما العقل- فهو أن من علم معنی الوجوب و معنی التوبة فلا یشک
فی ثبوته لها. (بیان ذلک): أن معنی الواجب و حقیقته هو ما یتوقف علیه
الوصول إلی سعادة الابد و النجاة من هلاک السرمد، و لو لا تعلق السعادة و
الشقاوة بفعل الشیء و ترکه لم یکن معنی لوجوبه، فالواجب ما هو وسیلة و
ذریعة إلی سعادة الأبد. و لا ریب فی أنه لا سعادة فی دار البقاء إلا فی
لقاء اللّه و الانس به، فکل من کان محجوبا عن اللقاء و الوصال محروما عن
مشاهدة الجلال و الجمال، فهو شقی لا محالة، محترق بنار الفراق و نار جهنم،
ثم لا مبعد عن لقاء اللّه إلا اتباع الشهوات النفسیة و الغضب و الانس بهذا
العالم الفانی، و الاکباب علی حب ما لا بد من مفارقته قطعا، و یعبر عن ذلک
بالذنوب. و لا مقرب من لقاء اللّه الا قطع علاقة القلب من زخرف هذا
العالم، و الإقبال بالکلیة علی اللّه، طلبا للانس به بدوام الذکر، و المحبة
له بدوام الفکر فی عظمته و جلاله و جماله علی قدر طاقته، و لا ریب فی أن
الانصراف عن طریق البعد الذی هو الشقاوة واجب للوصول إلی القرب الذی هو
السعادة، و لا یتم ذلک إلا بالتوبة التی عبارة عن العلم و الندم و العزم، و
لا یتم الواجب الا به، فهو واجب، فالتوبة واجبة قطعا.(1) التحریم، الآیة: 8.