عذاب
الآخرة، فإذا صمت فانو بصومک کف النفس عن الشهوات، و قطع الهمة عن خطرات
الشیاطین، و انزل نفسک منزلة المرضی، و لا تشتهی طعاما و لا شرابا، و توقع
فی کل لحظة شفاءک من مرض الذنوب، و طهر باطنک من کل کدر و غفلة و ظلمة
یقطعک عن معنی الإخلاص لوجه اللّه. قال رسول اللّه (ص): قال اللّه تعالی:
الصوم لی و انا اجزی به. و الصوم یمیت مراد النفس و شهوة الطبع، و فیه
صفاء القلب، و طهارة الجوارح، و عمارة الظاهر و الباطن، و الشکر علی النعم و
الإحسان إلی الفقراء، و زیادة التضرع و الخشوع و البکاء، و حبل الالتجاء
إلی اللّه، و سبب انکسار الهمة، و تخفیف الحساب، و تضعیف الحسنات، و فیه من
الفوائد ما لا یحصی و لا یعد، و کفی بما ذکرنا لمن عقله و وفق لاستعماله»
[1].
تتمیم
من صام شهر رمضان اخلاصا للّه و تقربا إلیه، و طهر باطنه من ذمائم
الأخلاق، و کف ظاهره عن المعاصی و الآثام، و اجتنب عن الحرام، و لم یأکل
إلا الحلال، و لم یفرط فی الأکل، و واظب علی جملة من النوافل و الأدعیة و
سائر الآداب المسنونة فیه، استحق للمغفرة و الخلاص عن عذاب الآخرة، بمقتضی
الاخبار المتواترة. ثم إن کان من العوام، حصل له من صفاء النفس ما یوجب
استجابة دعوته، و ان کان من أهل المعرفة، فعسی الشیطان لا یحوم علی قلبه،
فینکشف له شیء من الملکوت، لا سیما فی لیلة القدر، إذ هی اللیلة التی
تنکشف فیها الاسرار، و تفیض علی
(1) صححنا الحدیث علی (مصباح الشریعة): الباب 20. و علی (المستدرک): 1- 589- 590، کتاب الصوم.