کحب کل من الرجل و المرأة للآخر لأجل الجماع، و حب الإنسان المأکولات و
الملبوسات، و السبب الجامع فی هذا القسم هو اللذة، و هو سریع الحصول و سریع
الزوال و اضعف المراتب، لخساسة سببه و سرعة زواله.
الثالث- حبه للغیر لأجل نفعه و إحسانه،
فان الإنسان عبد الإحسان، و قد جبلت النفوس علی حب من أحسن إلیها و بغض
من أساء إلیها، و لذا قال رسول اللّه (ص): «اللهم لا تجعل لفاجر علیّ یدا
فیحبه قلبی». فالسبب الجامع فی هذا القسم هو النفع و الإحسان، و هذان
القسمان عند التحقیق یرجعان إلی القسم الأول، لان المحسن من أمد بالمال و
المعونة و سائر الأسباب الموصولة إلی دوام الوجود و کمال الوجود، و سبب
اللذة باعث لحصول الحظوظ التی بها یتهیأ الوجود. و الفرق أن الأعضاء، و
الصحة، و العلم، و الطعام، و الشراب، و الجماع محبوبة لان بها کمال وجوده و
هی عین الکمال، و أما الطبیب الذی هو سبب الصحة، و العالم الذی هو سبب
العلم، و معطی الطعام و الشراب، و المرأة التی هی آلة الوقاع: محبوبة لا
لذواتها، بل من حیث انها وسائل إلی ما هو محبوب لذاته، فاذن یرجع الفرق إلی
تفاوت الرتبة، و الکل یرجع إلی محبة الإنسان نفسه، فمن أحب المحسن لاحسانه
فما أحب ذاته تحقیقا، بل أحب إحسانه، و لو زال إحسانه زال حبه مع بقاء
ذاته، و لو نقص نقص الحب، و لو زاد زاد. و بالجملة: یتطرق إلی حبه الزیادة و
النقصان بحسب زیادة الإحسان و نقصانه.
الرابع- أن یحب الشیء لذاته،
لا لحظ یناله منه وراء ذاته، بل تکون ذاته عین حظه، و هذا هو الحب الحقیقی البالغ الذی یوثق به، و ذلک