النیة، و النیة مترتبة علیه، و بذلک یظهر الفرق بین ضدیهما أیضا- أعنی عدم الرغبة و الغفلة. و
اما (الکراهة و الحب): فقد عرفت أنهما عبارتان عن نفرة الطبع عن المؤلم، و
عن میله إلی الملذ، سواء انبعثت النفس عن طلبه أم لا، و بهذا یفترق الحب
عن النیة، فان النیة هی انبعاث النفس، و هو مغایر لمجرد المیل، بل المیل
منشأ للانبعاث، و سواء حصل الوصول إلی الملذ أم لا، و بهذا یفترق عن الشوق،
فان الشوق یعتبر فی مفهومه عدم الوصول، فالشوق و النیة و الارادة لا
ینفکان عن الحب، و الحب یکون مقارنا لهما البتة، فإذا حصل الوصول إلی
المطلوب زال الشوق و الارادة و بقی الحب بدونهما. و بما ذکر یظهر الفرق بین
الکراهة و بین عدم الرغبة و الغفلة. و أما (الانس): فهو عبارة عن
استبشار النفس بما یلاحظه من المطلوب المحبوب بعد الوصول و استحکامه و
رسوخه، و البعد عبارة عن عدم الوصول إلی المحبوب او الوصول إلی ما لا
یستبشر و لا یبتهج بملاحظته، لعدم الرغبة إلیه او للتنفر عنه، فالحب منشأ
الانس، و الانس یترتب علیه، و هو غایة المحبة، فلا یخلو انس عن المحبة، و
المحبة قد تکون بدونه، ثم المطلوب المحبوب قد یکون مطلوبا للقوة العاقلة،
کالعلم بحقائق الأشیاء، و قد یکون مطلوبا للقوة الغضبیة، کالاستیلاء و
الغلبة، و قد یکون مطلوبا للقوة الشهویة، کالمال و الازواج، و علی کل تقدیر
تکون الأمور المذکورة- اعنی عدم الرغبة و الغفلة و الکراهة و البعد- و
اضدادها- اعنی الشوق و الارادة و الحب و الانس- متعلقة بتلک القوة، معدودة
من رذائلها او فضائلها. ثم المحبوب ان کان یستحسن حبه و طلبه شرعا و عقلا،
کان ما یتعلق به من الشوق و الارادة و الحب و الانس من الفضائل و اضدادها
من الرذائل، و ان