و هم جلساء اللّه یوم القیامة». و ما روی: «أن اللّه أوحی إلی إسماعیل- علیه السلام-: اطلبنی عند المنکسرة قلوبهم من أجلی. قال: و من هم؟ قال: الفقراء الصادقون». و
قال رسول اللّه- صلی اللّه علیه و آله- لأمیر المؤمنین علیه السلام: «یا
علی، إن اللّه جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه اللّه تعالی مثل
أجر الصائم القائم، و من أفشاه إلی من یقدر علی قضاء حاجته فلم یفعل فقد
قتله أما إنه ما قتله بسیف و لا رمح و لکنه قتله بما نکأ من قلبه». ثم
لا ریب فی أن کل من لم یجد القوت من التعفف و ستر احتیاجه هذا و صبر و رضی
یکون داخلا تحت هذه الأخبار و تثبت له الفضیلة التی وردت فیها، و لا ریب فی
أن هذه صفة لا توجد فی ألف ألف واحد. و أما الفقیر الحریص الذی یظهر
فقره و یجزع معه، فظاهر بعض الأخبار و إن تناوله، إلا أن الظاهر خروجه منها
کما أومأت إلیه بعض الأخبار المذکورة و إن کان أحسن حالا من الغنی الذی
مثله فی الحرص.
فصل (الموازنة بین الفقر و الغنی)
اشارة
لا ریب فی أن الفقر مع الصبر و القناعة و قصد الفراغ أفضل من الغنی مع
الحرص و الإمساک، کما لا ریب فی أن الغنی مع الإنفاق و قصد الاستعانة علی
العبادة أفضل من الفقر مع الحرص و الجزع،
و إنما وقع الشک فی الترجیح بین الفقر و الغنی فی مواضع:
فصل ما ینبغی للفقیر
ینبغی للفقیر ألا یکون کارها للفقر من حیث إنه فعل اللّه و من حیث إنه
فقر، بل یکون راضیا به طالبا له فرحانا به لعلمه بغوائل الغنی، و أن