و تقصیرهم فی
العمل و تضییعهم المال، و یکون غالبا فی بلاد الغربة متفرق الهم محزون
القلب من کساد ما یصحبه من مال التجارة. و کذلک صاحب المواشی و غیره من
أرباب أصناف الأموال. و أبعدها عن کثرة الشغل النقد المکنون تحت الأرض، و
صاحبه أیضا لا یزال متفکرا مترددا فیما یصرف إلیه، و فی کیفیة حفظه، و فی
الخوف ممن یعثر علیه، و فی دفع طمع الخلق منه. و بالجملة: أودیة أفکار أهل
الدنیا لا نهایة لها، و الذی لیس معه إلا قوت یومه أو سنته، و لا یطلب أزید
من ذلک، فهو فی سلامة من جمیع ذلک.
و أما فوائده: فهی أیضا دنیویة و دینیة:
أما الدنیویة:
فهی ما یتعلق بالحظوظ العاجلة: من الخلاص من ذل السؤال، و حقارة الفقر، و
الوصول إلی العز و المجد بین الخلق، و کثرة الإخوان و الأصدقاء و الأعوان،
و حصول الوقار و الکرامة فی القلوب.
و أما الدینیة: فثلاثة أنواع:
أولها- أن ینفقه علی نفسه فی عبادة،
کالحج و الجهاد، أو فیما یقوی علی العبادة، کالمطعم و الملبس و المسکن.
و ثانیها- أن یصرفه إلی أشخاص معینة:
کالصدقة، و المروة، و وقایة العرض، و أجرة الاستخدام. و أما الصدقة
بأنواعها، فلا یحصی ثوابها، و ربما نشیر إلی فضیلتها فی موضعها، و أما
المروة، و نعنی بها صرف المال إلی الأغنیاء و الأشراف فی ضیافة أو هدیة أو
إعانة و ما یجری مجراها مما یکتسب به الإخوان و الأصدقاء و یجلب به صفة
الجود و السخاء، إذ لا یتصف بالجود إلا من یصطنع المعروف و یسلک سبیل
الفتوة و المروة، فلا ریب فی کونه مما یعظم ثوابه. فقد وردت أخبار کثیرة فی
الهدایا و الضیافات و إطعام الطعام، من غیر اشتراط الفقر و الفاقة فی
مصارفها.