جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : النراقي، المولى محمد مهدي جلد : 2 صفحه : 406

معاتبا لها قاهرا علیها فی میلها إلی الریاء، و وجد من طبعه کراهیة هذا المیل، فالنجاة فی حقه مرجوة، و لعل اللّه یسامحه بعظیم رحمته. و أما إذا لم یکن فی مقام المجاهدة، و لم یکن کارها مما یجد فی نفسه من المیل إلی الریاء بل أعطی زمام الاختیار إلی النفس الامارة، و هی تراءی فی الاعمال، و هو یتبعها فی ذلک من غیر قهر علیها و کراهیة لفعلها، فلا ریب فی فساد أعماله و أولویة ترکها، و ان کان باعثها ابتداء محض القربة و دخلها الریاء مع العقد أو بعده.
و أما القسم الثانی: المتعلق بالخلق- اعنی امامة الصلاة و القضاء و التدریس و الافتاء و الوعظ و الإرشاد و أمثال ذلک- فاخطارها عظیمة، و مثوبتها جسیمة. فمن له أهلیه ذلک من حیث العلم- ان کان ذا نفس قویة لا یعتنی بالناس و لا تزعجها وساوس الخناس و له معرفة تامة بعظمة ربه و قدرته و سائر صفاته الکمالیة، بحیث شغله ذلک عن الالتفات إلی الخلق و ما فی أیدیهم حتی یرائی لأجلهم او یختار رضاهم علی رضا ربه- فالأولی لمثله ألا یترک هذه المناصب لیفوز بمثوبتها العظیمة. و ان کان ذا نفس ضعیفة، کخیط مرسل فی الهواء تفیئها [1] الریح مرة هکذا و مرة هکذا فهو لا یأمن الریاء و سائر اخطارها. فاللازم لمثله ترکها. و لذلک کان أهل الیقین من السلف یتدافعون هذه المناصب ما وجدوا إلیه سبیلا. و ورد ما ورد من الأخبار فی عظم خطرها و کثرة آفاتها و لزوم التثبت و الاحتیاط لمن یزاولها و ما ورد من الوعید الشدید فی حق العلماء السوء یکفی للزوم الحذر عن فتن العلم و غوائله. و مما یقصم ظهور أمثالنا من الذین یقولون ما لا یعلمون و یأمرون بما لا یفعلون، قول عیسی بن مریم- علیهما السلام-:
«یا علماء السوء! تصومون و تصلون و تتصدقون و لا تفعلون ما تؤمرون!

(1) و فی نسختنا الخطیة (تعلیها).

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : النراقي، المولى محمد مهدي جلد : 2 صفحه : 406

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست