أسبابها
و أصلها من اللّه سبحانه، إلا أن القدرة علی الأمور الدنیویة الفانیة
کالمال و الأشخاص و غیر ذلک، لیست کمالا حقیقیا، لزوالها بالموت. نعم الحق
ثبوت القدرة النفسیة للعبد- اعنی تأثیر نفسه فی الغیر من الکائنات تأثیرا
روحانیا معنویا، کما هو ظاهر من تأثیر بعض النفوس فی الإنسان و الحیوان و
النبات و الجماد بأنواع التأثیرات، و مثل هذه القدرة تبقی للنفوس بعد الموت
و لذا تری أن من یستغیث ببعض النفوس الکاملة من الأموات یری منها عجائب
التأثیرات و الاستفاضات، فما ذکره بعض العلماء من عدم بقاء قدرة للنفوس بعد
الموت محل النظر. و قد ظهر بما ذکر: أن الکمال الحقیقی للانسان هو العلم الحقیقی و فضائل الأخلاق و الحریة و القدرة.
فصل علاج حب الجاه
اعلم ان علاج حب الجاه مرکب من علم و عمل. و علاجه العلمی: أن یعلم
أن السبب الذی لأجله أحب الجاه- و هو کمال القدرة علی اشخاص الناس و علی
قلوبهم ان صفا و سلم- فآخره الموت، فلیس هو من الباقیات الصالحات بل لو سجد
له کل من علی وجه الأرض إلی خمسین سنة او أکثر لا بد بالأخرة من موت
الساجد و المسجود له، و یکون حاله کحال من مات قبله من ذوی الجاه مع
المتواضعین له. و لا ینبغی للعاقل أن یترک بمثل ذلک الدین الذی هو الحیاة
الأبدیة التی لا انقطاع لها. و من فهم الکمال الحقیقی و الکمال الوهمی- کما
سبق- صغر الجاه فی عینه، إلا أن ذلک انما یصغر فی عین من ینظر إلی الآخرة
کأنه یشاهدها و یستحقر