و
قلوبهم بأن تکون مسخرة متصرفة تحت اشارته و إرادته و صیرورتها محبة له
باعتقاد الکمال فیه. و لکون هذا النوع من الاستیلاء نوع کمال، أحب الإنسان
هذا الاستیلاء علی الأموال و القلوب، و إن کان لا یحتاج إلیهما فی ملبسه و
مطعمه و فی شهوات نفسه، و لذلک طلب استرقاق العبید و استعباد الأحرار و لو
بالقهر و الغلبة. و قد ظهر مما ذکر: أن محبوب النفس بذاتها هو الکمال
بالعلم و القدرة، و المال و الجاه محبوب لکونه من أسباب القدرة و لما کانت
المعلومات و المقدورات غیر متناهیة، فلا یکاد أن تقف النفس الی حد من العلم
و القدرة، و لهما درجات غیر متناهیة، فسرور کل نفس و لذتها بقدر الدرجة
التی تدرکها.
فصل الکمال الحقیقی فی العلم و القدرة لا المال و الجاه
لما عرفت أن المحبوب عند الإنسان هو العلم و القدرة و المال و الجاه
لکونها کمالا، فاعلم أنه اشتبه الأمر علیه باغواء الشیطان، حیث التبس علیه
الکمال الحقیقی بالوهمی، و تیقن بکون جمیع ذلک کمالا و أحبه. إذ التحقیق أن
بعضها کمال حقیقی و بعضها کمال وهمی لا أصل له، و السعی فی طلبه جهل و
خسران و تضییع وقت و خذلان. بیان ذلک: أنه لا ریب فی عدم کون المال و
الجاه کمالا، لأن القدرة و الاستیلاء علی أعیان الأموال بوجوه التصرف و علی
القلوب و الأبدان بالتسخیر و الانقیاد ینقطع بالموت، فمن ظن ذلک کمالا فقد
جهل. فالخلق کلهم فی غمرة هذا الجهل، فانهم یظنون أن القدرة علی الأجساد
بقهر الحشمة، و علی أعیان الأموال بسعة الغنی، و علی تعظیم القلوب بسعة
الجاه