نعم انما یزول ملک القلوب بتغییر اعتقادها فیما صدقت به من الکمال الحقیقی أو الوهمی. الثانی-
ان التوصل بالجاه إلی المال أیسر من التوصل بالمال إلی الجاه فالعالم أو
الزاهد الذی تقرر له جاه فی القلوب، لو قصد اکتساب المال تیسر له بسهولة،
لأن أموال أرباب القلوب مسخرة للقلوب، و مبذولة لمن أذعنت له بالانقیاد و
اعتقدت فیه أوصاف الکمال، و أما الخسیس العاری عن الکمال إذا ظفر بکثرة من
المال و لم یکن له جاه یحفظ به ماله و أراد أن یتوصل به إلی الجاه، لم
یتیسر له. الثالث- أن ملک القلوب یسری و ینمو و یتزاید من غیر حاجة إلی
تعب و مشقة، اذ القلوب إذا أذعنت بشخص و اعتقدت انصافه بعلم أو عمل أو
غیره، أفصحت الالسنة بما فیها لا محالة، فیصف ما یعتقده لغیره و هو أیضا
یذعن به و یصفه لآخر، فلا یزال یستطار فی الاقطار، و یسری من واحد إلی
واحد، الی أن یجتمع معظم القلوب علی التعظیم و القبول. و أما المال، فمن
ملک شیئا منه فلا یقدر علی استنمائه إلا بتعب و مقاساة. و لهذه الوجوه
تستحقر الأموال فی مقابلة عظم الجاه و انتشار الصیت و انطلاق الالسنة
بالمدح و الثناء.
فصل لا بد للانسان من جاه
کما أنه لا بد من أدنی مال لضرورة المطعم و الملبس و المسکن و مثله لیس
بمذموم، فکذلک لا بد من أدنی جاه لضرورة المعیشة مع الخلق، إذ الإنسان کما
لا یستغنی عن طعام یتناوله فیجوز أن یحب الطعام و المال