مَا
أَنْتُمْ إِلاّ بَشْرٌ مِثْلُنَا [1]. فَقَالُوا: أَ نُؤْمِنُ
لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنَا [2]. وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلُکُمْ
إِنَّکُمْ إِذاً لَخَاسِرُوْنَ [3]. فتعجبوا من فوز من هو مثلهم برتبة الوحی و الرسالة، و حسدوه بمجرد ذلک، من دون قصد تکبر أو رئاسة أو عداوة أو غیرها من أسباب الحسد. و قد تجتمع هذه الأسباب أو أکثرها فی شخص واحد، فیعظم لذلک حسده، و تقوی قوة لا یقدر معها علی المجاملة، فتظهر العداوة بالمکاشفة. و
ربما قوی الحسد بحیث یتمنی صاحبه أن یزول عن کل أحد ما یراه له من النعمة،
و ینتقل إلیه. و مثله لا ینفک عن الجهل و الحرص، إذ هو یتمنی استجماع جمیع
النعم و الخیرات الحاصلة لجمیع الناس له، و لا ریب فی استحالة ذلک، و لو
قدر إمکانه لا یمکنه الاستمتاع بها، فلو لم یکن حریصا لم یتمن ذلک أصلا، و
لو کان عالما لدفع هذا التمنی بقوته العاقلة.
(تنبیه)
بعض الأسباب المذکورة، کما یقتضی أن یتمنی زوال النعمة و السرور به کذلک
یقتضی تمنی حدوث البلیة و الارتیاح منه. إلا أن المعدود من الحسد هو
الأول، و الثانی معدود من العداوة. فالعداوة أعم منه، إذ هی تمنی وقوع مطلق
الضرر بالعدو، سواء کان زوال نعمة أو حدوث بلیة. و الحسد تمنی زوال مجرد
النعمة.