و
سعة عیشهم. فمثله إذا وصف له اضطراب أمور الناس و إدبارهم، و فوات مقاصدهم
و تنغص عیشهم، یجد من طبعه الخبیث فرحا و انبساطا و إن لم یکن بینه و
بینهم عداوة و لا رابطة، و لم یوجب ذلک تفاوتا فی حاله من وصوله إلی جاه أو
مال أو غیر ذلک. و إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد اللّه و انتظام
أموره، شق ذلک علیه، و إن لم یوجب ذلک نقصا فی شیء مما له. فهو یبخل بنعمة
اللّه علی عباده من دون قصد و غرض، و لا تصور انتقال النعمة إلیه، فیکون
ناشئا عن خبث نفسه و رذالة طبعه. و لذا یعسر علاجه، لکونه مقتضی خباثة
الجبلة، و ما یقتضیه الطبع و الجبلة تعسر إزالته، بخلاف ما یحدث من الأسباب
العارضة.
الثانی- العداوة و البغضاء.
و هی أشد أسبابه، إذ کل أحد- إلا أوحدی من المجاهدین- إذا أصابت عدوه
بلیة فرح بذلک، إما لظنها مکافأة من اللّه لأجله، أو لحبه طبعا ضعفه و
هلاکه. و مهما أصابته نعمة ساءه ذلک، لأنه ضد مراده، و ربما تصور لأجله أنه
لا منزلة له عند اللّه حیث لم ینتقم من عدوه و أنعم علیه، فیحزن لذلک.
الثالث- حب الرئاسة و طلب المال و الجاه.
فإن من غلب علیه حب التفرد و الثناء، و استقره الفرح بما یمدح به من أنه
وحید الدهر و فرید العصر فی فنه، من شجاعة أو علم أو عبادة أو صناعة أو
جمال أو غیر ذلک، لو سمع بنظیر له فی أقصی العالم ساءه ذلک، و ارتاح بموته
أو زوال النعمة التی یشارکه فیها، لیکون فائقا علی الکل فی فنه، و متفردا
بالمدح و الثناء فی صفته.
الرابع- الخوف من فوت المقاصد.
و ذلک یختص بمتزاحمین علی مقصود واحد، فإن کل واحد، منهما یحسد صاحبه فی
وصوله هذا المقصود طلبا للتفرد به، کتحاسد الضرات فی مقاصد الزوجیة. و
الإخوة فی نیل