ما
من درهم إلا و قد غصب من أهله مرة بعد أولی، و ما من دینار إلا و قد خرج
من أیدی من أخذه قهرا کرة غب أولی، جل المیاه و الأراضی من أهلها مغصوبة، و
أنی یمکن القطع بحلیة الأقوات و أکثر المواشی و الحیوانات من أهلها
منهوبة، فأنی یتأتی الجزم بحلیة اللحوم و الألبان و الدسوم. فهیهات ذلک
هیهات! ما من تاجر إلا و معاملته مع الظالمین، و ما من ذی عمل إلا و هو
مخالط للجائرین من عمال السلاطین. و بالجملة: الحلال فی أمثال زماننا
مفقود، و السبیل دون الوصول إلیه مسدود. و لعمری! أن فقده آفة عم فی الدین
ضررها، و نار استطار فی الخلق شررها. و الظاهر أن أکثر الأعصار کان حالها
کذلک، و لذلک قال الإمام جعفر بن محمد الصادق- علیهما السلام-: «المؤمن یأکل فی الدنیا بمنزلة المضطر». و
قال رجل للکاظم- علیه السلام-: «ادع اللّه جل و عز أن یرزقنی الحلال،
فقال: أ تدری ما الحلال؟ قال: الکسب الطیب. فقال: کان علی بن الحسین-
علیهما السلام- یقول: الحلال قوت المصطفین. و لکن قل: أسألک من رزقک
الواسع». و مع ذلک کله، لا ینبغی للمؤمن أن ییأس من تحصیل الحلال، و
یترک الفرق و الفصل بین الأموال، فإن اللّه سبحانه أجل و أعظم من أن یکلف
عباده بأکل الحلال و یسد عنهم طریق تحصیله.
فصل أنواع الأموال
اشارة
اعلم أن الأموال علی أقسام ثلاثة: حلال بین، و حرام بین، و شبهات بینهما. و لکل منها درجات، فإن الحرام و إن کان کله خبیثا،