اعلم أن لفظ الإنفاق و المعروف و البر یتناول جمیع ما تقدم من الإنفاقات
الواجبة و المستحبة. و الفرق بینها: أن الإنفاق خاص بالمال، و المعروف اسم
جامع لکل ما عرف من طاعة اللّه و التقرب إلیه و الإحسان إلی الناس، و کل
ما ندب إلیه الشرع من فعل و ترک، و هو من الصفات الغالبة، أی أمر معروف بین
الناس إذا رأوه لا ینکرونه، و الغالب فی الأخبار إرادة ما یتعلق بالمال من
معانیه. و البر کالمعروف فی شموله لجمیع أعمال الخیر فی الأصل، و انصراف
إطلاقه غالبا فی الأخبار إلی ما یتعلق بالمال من وجوه الإنفاقات المتقدمة
بأسرها، و ربما خص بما سوی الصدقة منها، لما ورد أن البر و الصدقة ینفیان
الفقر و یزیدان فی العمر. و الظاهر أن مبنی الخبر علی ذکر الخاص بعد العام،
فلا وجه للتخصیص. ثم الصدقة تتناول جمیع ما تقدم من وجوه الإنفاق، سوی
المروة. و علی أی تقدیر، لا ریب فی أن ما ورد من الآیات و الأخبار فی فضیلة
مطلق الإنفاق و المعروف و البر یدل علی فضیلة کل واحد مما تقدم من وجوه
الإنفاق، کقوله سبحانه: أَنْفِقُوا مِنْ طَیِّبَاتِ مَا کَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنَا لَکُمْ [1]. و
قوله: وَ مَا تُنْفِقُوا مِنْ خَیْرٍ فَلأَنْفُسِکُمْ وَ مَا تُنْفِقُوْنَ
إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللّهِ وَ مَا تُنْفِقُوا مِنْ خَیْرٍ یُوَفَّ
إِلَیْکُمْ وَ أَنْتُمْ