لعلک تقول: إنک قلت: السخاء هو الوسط بین الاقتار و الإسراف و هو صرف المال إلی ما یجب أو ینبغی صرفه إلیه، و هذا غیر کاف لمعرفة حد السخاء، لتوقفه علی معرفة ما یجب أو ینبغی، و هو عندنا مبهم.
قلنا: ما یجب أو ینبغی یتناول الواجب و اللائق بحسب الشرع و المروة و العادة. فالسخی هو الذی یؤدی واجب الشرع و واجب المروة و العادة جمیعا، فإن منع واحدا منها فهو بخیل، و إن کان الذی یمنع واجب الشرع أبخل. ثم ما یجب بذله شرعا مضبوط معین، من الزکاة و الخمس و غیرهما من أطیب ماله أو وسطه دون الخبیث منه، و الإنفاق علی أهله و عیاله علی قدر احتیاجهم. فمن أدی جمیع ذلک فقد أدی الواجب الشرعی و یستحق اسم السخی شرعا، إذا کان الأداء بطیبة من قلبه، من دون أن یشق علیه، إذ لو شق علیه ذلک کان بخیلا بالطبع و متسخیا بالتکلف و أما ما یجب مروة و عادة، فهو ترک المضایقة فی بذل ما یستقبح المضایقة فیه عرفا و عادة، و هو یختلف فی الأحوال و الأشخاص، فتستقبح من الغنی المضایقة ما لا یستقبح من الفقیر، و مع الأهل و الأقارب ما لا یستقبح