و الأمراض الکثیرة، و بعد ذلک یحافظ نفسه عن الإفراط فی الأکل و لو بالتکلف حتی یصیر الاعتدال فیه عادة.
الشهوة الجنسیة
(و أما الثانی)- أعنی طاعة شهوة الفرج و الإفراط فی الوقاع- فلا ریب فی
أنه یقهر العقل حتی یجعل الإنسان مقصور الهم علی التمتع بالنسوان و
الجواری، فیحرم من سلوک طریق الآخرة، أو یقهر الدین حتی یجر إلی اقتحام
الفواحش و ربما انتهت هذه الشهوة بمن غلب و همه علی عقله إلی العشق البهیمی
الذی ینشأ من استیلاء الشهوة، فیسخر الوهم العقل لخدمة الشهوة، و قد خلق
العقل لیکون مطاعا لا لیکون خادما للشهوة، و هذا مرض قلوب فارغة خلت عن
محبة اللّه و عن الهمم العالیة. و یجب الاحتراز من أوائله بترک معاودة
الفکر و النظر، و إذا استحکم عسر دفعه، و کذلک حب باطل من الجاه و المال و
العقار و الأولاد، فمثل من یکسره فی أول انبعاثه مثل من یصرف عنان الدابة
عند توجهها إلی باب لیدخله، و ما أهون منعها بصرف عنانها، و مثل من یعالجه
بعد استحکامه مثل من یترک الدابة حتی تدخل و تتجاوز الباب ثم یأخذ بذنبها و
یجرها إلی ورائها، و ما أعظم التفاوت بین الأمرین فی الیسر و العسر. فلیکن الاحتراز و الاحتیاط فی بدایات الأمور، إذ فی أواخرها لا تقبل العلاج إلا بجهد شدید یکاد یوازی نزع الروح. و ربما انتهی إفراط هذه الشهوة بطائفة إلی أن یتناولوا ما یقویها لیستکثروا من الجماع، و مثلهم کمثل من بلی بسباع ضاریة تغفل عنه فی