فصل (أجناس الفضائل الأربع و الأقوال فی حقیقة العدالة)
قد تبین فی العلم الطبیعی أن للنفس الناطقة قوتین: «أولاهما»: قوة
الإدراک و «ثانیتهما»: قوة التحریک، و لکل منهما شعبتان: (الشعبة الأولی)
للأولی العقل النظری، و هو مبدأ التأثر عن المبادئ العالیة بقبول الصور
العلمیة، و (الشعبة الثانیة) لها العقل العملی، و هو مبدأ تحریک البدن فی
الأعمال الجزئیة بالرویة [1] و هذه الشعبة من حیث تعلقها بقوتی الشهوة و
الغضب مبدأ «لحدوث» [2] بعض الکیفیات الموجبة لفعل أو انفعال، کالخجل و
الضحک و البکاء و غیر ذلک، و من حیث استعمالها الوهم و المتخیلة مبدأ
لاستنباط الآراء و الصنائع الجزئیة. و من حیث نسبتها بالعقل و حصول
الازدواج بینهما سبب لحصول الآراء الکلیة المتعلقة بالأعمال کحسن الصدق و
قبح الکذب، و نظائرهما. (الشعبة الأولی) للثانیة قوة الغضب و هی مبدأ دفع
غیر الملائم علی وجه الغلبة، و (الشعبة الثانیة) لها قوة الشهوة و هی مبدأ
جلب الملائم. ثم إذا کانت القوة الأولی غالبة علی سائر القوی و لم تنفعل
عنها، بل کانت هی مقهورة عنها مطیعة لها فیما تأمرها به و تنهاها عنه، کان
تصرف کل منها علی وجه الاعتدال، و انتظمت أمور النشأة الإنسانیة، و حصل
تسالم
(1) إذا کان العقل العملی مبدأ
لتحریک البدن فهو قوة تحریک لا قوة إدراک و فی الحقیقة أن غرضهم من العقل
العملی هو إدراک ما ینبغی أن یعمل. (2) و فی النسخة المخطوطة عندنا «الحصول».