و ضیاء، لکدرة قلوبهم الحاصلة من خبائث الصفات. و
السر فی ذلک أن منشأ العلم و مناطه هو التجرد کما بین فی مقامه، فکلما
تزداد النفس تجردا تزداد إیمانا و یقینا، و لا ریب فی أنه ما لم ترتفع عنها
أستار السیئات و حجب الخطیئات لم یحصل لها التجرد الذی هو مناط حقیقة
الیقین فلا بد من المجاهدة العظیمة فی التزکیة و التحلیة حتی تنفتح أبواب
الهدایة و تتضح سبل المعرفة کما قال سبحانه: وَ الَّذِینَ جَاهَدُوا فِینَا لَنَهدِیَنَّهُم سُبُلَنَا [1].
فصل (أن العمل نفس الجزاء)
کل نفس فی بدء الخلقه خالیة عن الملکات بأسرها، و إنما تتحقق کل ملکة
بتکرر الأفاعیل و الآثار الخاصة به [2] بیان ذلک أن کل قول أو فعل ما دام
وجوده فی الأکوان الحسیة لا حظ له من الثبات لأن الدنیا دار التجدد و
الزوال، و لکنه یحصل منه أثر فی النفس فإذا تکرر استحکم الأثر فصار ملکة
راسخة، مثاله الحرارة التی تحدث فی الفحم فانها ضعیفة أولا و إذا اشتدت
تجمرت ثم استضاءت، ثم صارت صورة ناریة محرقة لما قارنها مضیئة لما قابلها، و
کذلک الأحوال النفسانیة إذا تضاعفت قوتها صارت ملکات راسخة و صورا باطنة
تکون مبادئ للآثار المختصة بها،
(1) العنکبوت الآیة؟ 69. (2) هکذا وجدت فی النسخة المطبوعة و نسختنا الخطیة و الأصح «بها» و إن کانت الکلمة غیر موجودة فی نسخة خطیة أخری.