- فهو أن یقطع أسبابه- أعنی ما به العجب- و هی العلم، و المعرفة، و
العبادة، و الطاعة، و غیر ذلک من الکمالات النفسیة، کالورع، و الشجاعة، و
السخاوة، و النسب، و الحسب، و الجمال، و المال، و القوة، و البطش، و الجاه،
و الاقتدار، و کثرة الأعوان و الأنصار، و الکیاسة، و التفطن لدقائق
الأمور، و الرأی الخطإ.
أما (العجب بالعلم):
اشارة
فعلاجه أن یعلم أن العالم الحقیقی هو الذی یعرف نفسه و خطر الخاتمة، و
أن من تلیق به العظمة و العزة و الکبریاء هو اللَّه سبحانه، و ما عداه هالک
الهویة و الذات فاقد الکمال و الصفات. و هذا العلم یزید الخوف و الذلة و
المهانة و المسکنة، و الاعتراف بالقصور و التقصیر فی أداء حقوق اللَّه، و
الشکر بإزاء نعمه، و لذا قیل: «من ازداد علما ازداد وجعا». فالعلم الذی
لا یوجب ذلک و یورث العجب، إما لیس علما حقیقیا، بل هو من العلوم الدنیویة
التی ینبغی أن تسمی صناعات لا علوما، إذ صاحبه خاض فیه و هو خبیث النفس ردی
الأخلاق لم یهذب نفسه أولا و لم یزکها بالمجاهدات و لم یرضها فی عبادة
ربه، فیبقی خبیث الجوهر، فإذا خاض فی العلم و إن کان علما حقیقیا صادف من
قلبه منزلا خبیثا، فلم یطب ثمره و لم یظهر فی الخبر اثره، فإن العلم مثله
مثل الغیث ینزل من السماء عذبا صافیا، فإذا شربته الأشجار و النباتات ازداد
المر مرارة و الحلو حلاوة، کذلک العلم إذا صادف القلوب ازداد القلب المظلم
الخبیث ظلمة و خباثة. و الطیب الصافی طیبا و صفاء و إذا علم ذلک، یعرف أنه
لا ینبغی العجب بالعلم، و یجب أیضا أن یعلم أنه إذا أعجب بنفسه صار ممقوتا
عند اللَّه مبغوضا لدیه، لما تقدم من الأخبار و قد أحب اللَّه منه الذلة و
الحقارة عند نفسه. و قال بواسطة سفرائه: «إن لک عندی قدرا ما لم تر لنفسک قدرا، فإن رأیت لنفسک قدرا فلا قدر لک