قد عرفت أن ضد هذین الجنسین هو (الشجاعة)، فتذکر مدحها و شرافتها، و کلف
نفسک المواظبة علی آثارها و لوازمها، حتی یصیر ما تکلفته طبعا و ملکة،
فترتفع عنک آثار الضدین بالکلیة. و قد عرفت أن الشجاعة طاعة قوة الغضب
للعاقلة فی الإقدام علی الأمور الهائلة و عدم اضطرابها بالخوض فی ما یقتضیه
رأیها. و لا ریب فی أنها أشرف الملکات النفسیة و أفضل الصفات الکمالیة، و
الفاقد لها بریء عن الفحلیة و الرجولیة، و هو بالحقیقة من النسوان دون
الرجال، و قد وصف اللّه خیار الصحابة بها فی قوله أشِدّاءُ عَلی الکُفّار
[1] و أمر اللّه نبیه بها بقوله: و اغلظ عَلَیهِم [2] إذ الشدة و الغلظة من
لوازمها و آثارها، و الأخبار مصرحة باتصاف المؤمن بها. قال أمیر المؤمنین (ع) فی وصف المؤمن: «نفسه أصلب من الصلد». و قال الصادق علیه السلام: «المؤمن أصلب من الجبل إذ الجبل یستفل [3] منه و المؤمن لا یستقل من دینه».
(1) الفتح، الآیة 29. (2) التوبة، الآیة 73. (3) استفل الشیء: أخذ منه أدنی جزء کعشره.