من
الفضیلة، و نذکر أولا جنسی الرذیلة لکل قوة، و نذیلهما بضدهما الذی هو جنس
فضیلتها، ثم نذکر الأنواع و النتائج علی النحو المذکور، أی نذکر أولا
الرذیلة بأحکامها «و معالجاتها» [1]، ثم نشیر إلی ضدها، و ما ورد فی مدحه
ترغیبا للطالبین علی أخذه و الاجتناب عن ضده، و لذلک لم نتابع القوم فی
التفریق بین الرذائل و الفضائل و ذکر کل منهما علی حدة. ثم بیان الأنواع
و اللوازم علی ما ذکر أکثره القوم لا یخلو عن الاختلال إما فی التعریف و
التفسیر، أو فی الفرق و التمییز، أو فی الإدخال تحت ما جعلوه نوعا له، أو
غیر ذلک من وجوه الاختلال، فنحن لا نتبعهم فی ذلک و نبینها إدخالا و تمییزا
و تعریفا ما یقتضیه النظر الصحیح، فنقول: أما جنسا الرذیلة للقوة
العقلیة، «فأولهما» (الجربزة و السفسطة) و هی من طرف الإفراط، و «ثانیهما»
(الجهل البسیط) و هو من طرف التفریط و ضدهما (العلم و الحکمة)، و أما
الأنواع و اللوازم المترتبة علیهما، فمنها (الجهل المرکب) و هو من باب
رداءة الکیفیة. و منها (الحیرة و الشک) و هو من طرف الإفراط علی ما قیل، و
ضد الجهل المرکب إدراک ما هو الحق أو زوال العلم بأنه یعلم، و ضد الحیرة
الجزم بأحد الطرفین. و بذلک یظهر أن الیقین ضد لکل منهما، لأنه اعتقاد جازم
مطابق للواقع، فمن حیث اعتبار الجزم فیه یکون ضدا للحیرة، و من حیث اعتبار
المطابقة للواقع یکون ضدا للجهل المرکب، و منشأ حصول الیقین هو استقامة
الذهن و صفاؤه مع مراعاة شرائط الاستدلال، و منشأ الجهل المرکب اعوجاج
الذهن، أو حصول الخطأ فی الاستدلال، أو وجود مانع من إفاضة الحق کعصبیة، أو
تقلید أو أمثال ذلک، و منشأ الحیرة هو قصور الذهن و کدرته، أو الالتهاب
الموجب للتجاوز(1) هذه الکلمة موجودة فی نسختنا الخطیة فقط.