الناس و أموالهم بدون
جهة شرعیة، لأن العدالة بهذا المعنی- کما عرفت- عبارة عن ضبط العقل العملی
جمیع القوی تحت إشارة العقل النظری، فهو جامع للکمالات بأسرها، فالظلم الذی
هو مقابله جامع للنقائص بأسرها، إذ حقیقة الظلم وضع الشیء فی غیر موضعه، و
هو یتناول جمیع ذمائم الصفات و الأفعال فتمکین الظالم من ظلمه لما کان صفة
ذمیمة یکون ظلما، علی أن من مکن الظالم من الظلم علیه و انقاد له ذلة، فقد
ظلم نفسه و الظلم علی النفس أیضا من أقسام الظلم. هذا هو بیان الطرفین لکل
من الأجناس الأربعة للفضیلة. ثم لکل واحد من أجناس الرذائل و الفضائل
أنواع و لوازم من الأخلاق و الأفعال ذکرها علماء الأخلاق فی کتبهم، و قد
ذکروا للعدالة أیضا أنواعا و قد عرفت فیما تقدم أن تخصیص بعض الصفات
بالاندراج تحتها مما لا وجه له، إذ جمیع الرذائل و الفضائل لا یخرج عن
التعلق بالقوی الثلاث، أعنی العاقلة و الغضبیة و الشهویة، و إن کان للقوة
العملیة مدخلیة فی الجمیع من حیث التوسط، فنحن ندخل الجمیع تحت أجناس القوی
الثلاث من غیر اندراج شیء منها تحت العدالة، و قد عرفت أن بعضها متعلق
بالعاقلة فقط، و بعضها بالقوة الغضبیة فقط، و بعضها بالشهویة فقط، و بعضها
بالاثنین منها أو الثلاث معا، فنحن نذکر ذلک فی مقامات أربعة. و لمزید
الإحاطة نشیر هنا إجمالا إلی أسماء الأجناس و الأنواع و اللوازم التی لکل
جنس، و نذکر أولا ما یتعلق بالعاقلة، ثم ما یتعلق بالغضبیة، ثم ما یتعلق
بالشهویة، ثم ما یتعلق بالثلاث أو الاثنتین منها، و نذکر أولا الرذیلة، ثم
نشیر إلی ضدها من الفضیلة إن کان له اسم، ثم فی باب المعالجات نذکر معالجة
کل رذیلة من الأجناس و الأنواع و النتائج و نذیلها بذکر ضدها