قال جودت باشا فی الجزء الثالث من تاریخه فی حوادث سنة ألف و مائتین ما ترجمته: أن وظیفة المحصل فی حلب من أهم المناصب و هی مطمح أنظار مأموری الدولة، و منذ أربعین سنة کان هؤلاء المأمورون یتعاطون کل وسیلة و یبذلون کل مرتخص و غال فی سبیل الحصول علی هذه الوظیفة لأنها کانت تعود علیهم بمال جزیل و ثروة طائلة ینالون بسببها بعد رجوعهم إلی الآستانة رتبة الوزارة و رتبة میر میران، و من هؤلاء الرجال أحمد باشا فإنه بهذه الطریقة أخذ العلم و الطوخ و حاز شهرة عظیمة. و هذه الوظیفة ظلت مدة تباع و تشتری بیع من یزید، و کثیر من هؤلاء الرجال الذین تولوا هذه الوظیفة فی حلب بالنظر لاعتسافهم و جورهم صاروا ممقوتین عند عقلاء رجال الآستانة و لا ینظرون إلیهم نظر إجلال و احترام لکثرة ارتکابهم، حتی أدی الحال إلی أن بعض المغسلین صاروا یتعهدون هذه الوظیفة و یحصلون هذه الأموال لکنهم کانوا یؤدون بعضها إلی الدولة و یزدردون الباقی یصرفونه فی شهوات أنفسهم، حتی آل الأمر إلی أن الدولة صارت ترسل من طرفها مفتشین علی هؤلاء المحصلین، و ربما حضر الصدر الأعظم بنفسه للتفتیش.