نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 2 صفحه : 128
سنة 580
ذکر وصف الرحالة أبی الحسین محمد بن أحمد بن جبیر الکنانی الأندلسی لما مرّ به من هذه الدیار فی هذه السنة
قال فی وصفه لمدینة حران:
بلد لا حسن لدیه و لا ظل یتوسط بردیه، قد اشتق من اسمه هواؤه فلا یألف
البرد ماؤه، و لا تزال تتقد بلفح الهجیر ساحاته و أرجاؤه. و لا تجد فیه
مقیلا و لا تنفس منه إلا نفسا ثقیلا. قد نبذ بالعراء، و وضع فی وسط
الصحراء، فعدم رونق الحضارة، و تعرت أعطافه من ملابس النضارة. أستغفر اللّه
کفی بهذا البلد شرفا و فضلا أنها البلدة العتیقة المنسوبة لأبینا إبراهیم
صلّی اللّه علیه و سلم، و له بقبلیها بنحو ثلاثة فراسخ مشهد مبارک فیه عین
جاریة کان مأوی له و لسارة صلوات اللّه علیها و متعبدا لهما. ببرکة هذه
النسبة قد جعل اللّه هذه البلدة مقرا للصالحین المتزهدین و مثابة للسائحین
المتبتلین، لقینا من أفرادهم الشیخ أبا البرکات حیان ابن عبد العزیز حذاء
مسجده المنسوب إلیه، و هو یسکن منه فی زاویة بناها فی قبلته، و تتصل بها فی
آخر الجانب زاویة لابنه عمر قد التزمها و أشبه طریقة أبیه فما ظلم، و
تعرفت منه شنشنة أعرفها من أخزم، فوصلنا إلی الشیخ و هو قد نیف علی
الثمانین فصافحنا و دعا لنا و أمرنا بلقاء ابنه عمر المذکور من رجال
الآخرة، و لقینا أیضا بمسجد عتیق الشیخ الزاهد سلمة فلقینا رجلا من الزهاد
الأفراد فدعا لنا و سألنا و ودعناه و انصرفنا. و بالبلد سلمة آخر یعرف
بالمکشوف الرأس لا یغطی رأسه تواضعا للّه عز و جل حتی عرف بذلک، و وصلنا
إلی منزله فأعلمنا أنه خرج للبریة سائحا. و بهذه البلدة کثیر من أهل الخیر و
أهلها هینون معتدلون محبون للغرباء مؤثرون للفقراء، و أهل هذه البلاد من
الموصل لدیار بکر و دیار ربیعة إلی الشام علی هذا السبیل من حب الغرباء و
إکرام الفقراء، و أهل قراها کذلک فما یحتاج الفقراء الصعالیک معهم زادا.
لهم فی ذلک مقاصد فی الکرم مأثورة. و شأن أهل هذه البلاد فی هذا السبیل
عجیب و اللّه ینفعهم بما هم علیه.
نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 2 صفحه : 128