نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 1 صفحه : 259
لکل
قرن من قرون العز فی العرب نابغة أو نوابغ من الملوک و الأمراء، و مثلهم
من العلماء و الأدباء، و قد امتاز القرن الرابع فی الشام- و إذا قلنا الشام
عنینا هذا القطر المحبوب الممتدّ من العریش إلی الفرات و من جبال طورس إلی
البادیة علی نحو ما کان یعرفه العرب- بقیام بنی حمدان فیه، و رئیسهم سیف
الدولة بن حمدان استولی علی القسم الشمالی منه، و الدولة العباسیة قد أخذت
تتناوشها ملوک الأطراف و أمراؤها فی العراق و مصر و الشام و الجزیرة، و
أخذت دولة الخلافة بالضعف بصنع بعض الخوارج، و منهم من کان ینازعها السلطة
علنا، و منهم من کان یشارکها فیها و یخضع لها فی الصورة الظاهرة، و بنو
حمدان کانوا من هذا النوع الأخیر. أصل بنی حمدان بطن من بنی تغلب بن
وائل من العدنانیة، و هم بنو حمدان بن حمدان کانوا ملوک الموصل و الجزیرة و
حلب فی أیام المقتفی باللّه العباسی، و أول من ملک منهم أبو الهیجاء عبد
اللّه بن حمدان ثم أخوه إبراهیم بن حمدان ثم أخوه سعید و نصر أبناء حمدان،
ثم استولی علی الشام و حلب معین الدولة علی بن أبی الهیجاء بن حمدان. رسخت
بسیف الدولة أقدام بنی حمدان فی هذه الدیار، و اتخذ حلب عاصمته، و کانت
مملکته عبارة عن جند حمص و جند قنسرین و الثغور الشامیة و الجزریة و دیار
مضر و دیار بکر، و لما تم له الأمر مثل فی بلاده الصورة التی کان یرید أن
یمثلها فی دمشق و أبی أهلها علیه تمثیلها، فأخذ یستصفی الأملاک و یصادر
الأموال و یبنی الدور و القصور و یظهر من الأبهة ما کاد یعجز عنه الخوالف
من العباسیین فی بغداد و الأمویین فی الأندلس و الفاطمیین فی مصر. لم
تکن الجبایة فی تلک القرون حالة مستقرة، فما ورد عن التاریخ و أصحابه من
قوانینها العادلة السهلة التطبیق کان یجری العمل به فی البلاد کلها، و کانت
صورة التنفیذ تختلف باختلاف نزاهة السلطان و عفته عن أموال الناس، و سیف
الدولة کان علی الأرجح من القائلین بأن الغایة تبرر الواسطة.
نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 1 صفحه : 259