اعلم، انّ
للعرفاء في أنه هل يمكن أن يوجد عالم آخر من سماء و أرض و خلائق يسكنون فيهما و
تعبدون اللّه تعالى بعد قيام النشأة الآخرة و بطلان النشأة الدنيوية بسمائها و
أرضها و نجومها و دخول أهل الجنة منازلهم و أهل النار مقاعدهم، مجالى أفكار و
مرامي أنظار و لا دليل على امتناعه، و النقل يحكم بجوازه بل على وقوعه ففي الخصال:
«عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه تعالى: أَ فَعَيِينا
بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ[2] قال: «يا
جابر تأويل ذلك انّ اللّه عزّ و جلّ إذا أفنى الخلق و هذا العالم و سكن أهل الجنة
بالجنة و أهل النار بالنار، جدّد اللّه عز و جل عالما غير هذا العالم و جدّد خلقا
من غير فحولة و لا إناث يعبدونه و يوحّدونه، و خلق لهم أرضا غير هذه تحملهم و سماء
غير هذه السماء تظلّهم. لعلك ترى أنّ اللّه انّما خلق هذا العالم الواحد و ترى أن
اللّه لم يخلق بشرا غيركم، بلى، و اللّه لقد خلق اللّه تبارك و تعالى ألف ألف عالم
و ألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم و أولئك الآدمييّن» [3] و في تفسير
العياشي ما بمعناه و عبارته، بتقديم و تأخير و في توحيد المفضل عن الصادق عليه
السلام [4]: «الحمد لله مدير الأدوار و معيد الأكوار طبقا عن طبق و
عالما بعد عالم ليجزي الذين أساءوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا
[1] .
أي انتهى كلام المعلم الأول في اثولوجيا (المصدر السابق).
[2] . أ
فعيينا: ق: 15 مرّ تأويل آخر لهذه الآية في ص 587.