أي حسبوا انّ
سؤالك عن أوّل المخلوقات و الصّوادر، فأجابوا بذلك، و لم- يعلموا انّك سألت عن أصل
الكون و الخلق و الّا لكفى أن يقول ما أوّل ما خلق اللّه من غير التقييد بقوله «من
خلقه».
[أوّل ما
خلق اللّه من خلقه]
اخبرك انّ
اللّه علا ذكره، كان و لا شيء غيره، و كان عزيزا و لا عزّ، لأنّه كان قبل عزّه، و
ذلك قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ و كان خالقا
و لا مخلوق.
اعلم، انّ
مبادي الكون ثلاثة: العدم و الهيولى و التغيّر؛ لكن الأخير يختص بالمحدث و الأولان
للمكوّن و المحدث فالامام عليه السلام ذكر الأولين لأنّهما العام لجميع المكوّنات
و المحدثات، فأشار الى المبدأ الّذي هو العدم بقوله: «انّ اللّه علا ذكره كان و لا
شيء غيره» ثم بيّن أنّ هذا العدم كما هو متقدّم على المخلوقات كذلك متقدّم على
الأسماء و الصّفات، إذ هي أيضا من جملة مخلوقاته بدليل قوله: سُبْحانَ
رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ[2]؛ إذ ربّ الشيء هو الّذي يربّه و
يملكه فيكون المربوب غير الربّ و غير الربّ تعالى مخلوق. و أشار الى تقدم العدم
على الخلق بقوله: «و كان خالقا و لا مخلوق» و انّما أخّره عن بيان العزّة لأنّه
لمّا ظهر من الدليل انّها مخلوق مربوب، حكم بأنّها كسائر الخلق في تقدّم العدم
عليه؛ ثم أشار الى المبدأ الّذي هو المادّة بقوله عليه السلام:
[1] .
من أنّ أوّل ما خلق اللّه مختلف باعتبارات فباعتبار العقل و باعتبار آخر، الماء و
هكذا (بحار، ج 54، باب حدوث العالم و بدء خلقه).