نام کتاب : شرح توحید صدوق نویسنده : القمي، القاضي سعيد جلد : 1 صفحه : 29
خَلْقَهُ
ثُمَّ هَدى[1] قوله تعالى: خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى بيان لقوله: «أَعْطى» و لذا لم يأت بالواو: خلقه-
أوّل خلقه- و هداه إلى صلاح المعاش و المعاد؛ و قال إشارة إلى الأول: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
الَّذِي خَلَقَ[2] و الى
الثّاني:
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ[3] أي إلى سيّدك و مالكك. و أشار إلى الأول و الى العدل [4] و الصّلاح بقوله: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما
يَشاءُ وَ يَخْتارُ[5]. و الموجودات
كلّها مملكة واحدة للّه تعالى لارتباط بعضها ببعض و انتظامها على ترتيب منسّق [6]؛ فمدبّرها و مالكها واحد و النّافذ
المشيّة لا محالة متّصف بالعلم و القدرة و سائر الصّفات الكماليّة، و عادل لا
يجور؛ إذ الجور إنّما هو لنقص نفوذ المشيّة و قد فرض نافذا؛ فالإقرار بالرّبوبيّة،
يتضمّن الإقرار بالتوحيد و العدل و المعاد كما بيّنا بالدلائل المقنعة.
و أمّا
المعنى الثّاني، «فالرّبّ» بهذا المعنى هو الذي يقدر على الإيجاد و الإعادة و
العدل و الصّلاح و يستغني عن كلّ شيء و لا يستغنى عنه، و بذلك يظهر الأمور
الثلاثة [7]. قال اللّه جلّ مجده إشارة إلى الإبداء و الإعادة: أَ وَ
لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ
مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ[8]، و الخلق لا
يكون الّا بقدرة.
و أمّا القول
بإمامة عليّ عليه السلام، فهو يتضمّن للإقرار بالأئمّة من أولاده عليهم السّلام؛
إذ القائل بخلافته و وصايته بلا فصل، إنّما يحكم بالنّصّ، لا بالإجماع و الاختيار.
و النص من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على إمامة عليّ [9] و الأئمة
شرع سواء و كذلك نصّ كلّ سابق على اللّاحق. فصحّت الأصول الخمسة بالتعبيرات
الثلاث.
و أمّا قوله:
«و أدّى ما افترض عليه» فإشارة إلى الفروع التي كلّها أصل واحد من الأصول و هو
الإقرار بما جاء به النبيّ صلى اللّه عليه و آله من عند اللّه مع العمل به.
[نتائج قرب
الفرائض و النوافل]
و أمّا قوله:
«أن يسكنه في جواره» فهو إشارة إلى نتيجة هذه الأصول و هو نتيجة قرب الفرائض. و
معنى «السّكنى في جوار اللّه»، هو أن يحشر مع ملائكة اللّه لأنّهم لم يتجاوزوا عن
مقامهم الّذي رتّبهم اللّه فيه من التسبيح و التحميد؛ فهم كأنّهم أيضا يؤدّون
فرائض اللّه. و معنى «الكون مع الملائكة»، هو أن يصير مطهّرا من الأدناس البشريّة
و نقيّا من الأوساخ الجسمانيّة و يصير من الملائكة العرشيّة.
و أمّا نتيجة
قرب النوافل، فهي أعظم من ذلك و هو «المحبوبيّة التّامّة» المستتبعة لأن يفنى
العبد [10] عن كلّه و يبقى مع اللّه جلّ جلاله كما في الحديث
القدسيّ:
[9] .
الروايات في هذا الباب كثيرة: منها، ما في اصول الكافي، كتاب الحجة، باب ما نصّ
اللّه و رسوله على الأئمة، ج 1، ص 286 و باب ما نصّ على أمير المؤمنين، ج 1، ص 292
و النص على سائر الأئمة، ج 1، ص 297- 328.