بسم اللّه
الرحمن الرحيم الحمد لله و لا حول و لا قوّة الّا بالله العليّ العظيم الذي ليس
كمثله شيء و هو السميع البصير.
و الصلاة و
السلام على خير خلقه محمّد خاتم النبيين و أهل بيته الطاهرين.
المعارف التي
تتعلّق بالله تعالى من إثبات وجوده و توحيده و أسمائه و صفاته و أفعاله من أهم
المعارف و أشرفها التي يهتم بها الإنسان، فانّه تعالى مبدأ الكلّ و فيّاض الخير، و
قد حارت فيها الأوهام و تاهت فيها العقول، فكم من سالك ضلّ في بيداها، و كم من
طالب قعد عن مسعاها؛ فانّ قوما ممّن اعترفوا به تعالى قالوا بالتعطيل، كما انّ
آخرين مالوا الى التشبيه، و ترى فرقة وقعت في الجبر و أخرى في التفويض، فضلا عمّن
جحدوه تعالى أو اعتقدوا بآلهة كثيرة أو قالوا بجسميّته، و أمثال ذلك من الآراء
السخيفة، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، و هذا مع أنّ للإنسان عقلا يهديه و حجّة
باطنة تر شده و ليس هذا الّا لصعوبة الأمر فلا بدّ للإنسان من قائد يتبعه و عالم
يتّبعه و إمام يهديه سبل السلام، و ليس هو الّا من شرب من مورد الوحي و اقتبس من
مشكاة النبوّة، و هو النبي الكريم بما أتى بالوحي و بما نطقت نفسه الشريفة فانّه
(ص) ما ينطق عن الهوى، و عترته أهل بيته بما بيّنوا و فسّروا من كلام الله و كلام
نبيّه، فانّهم خزنة أسرار علمه تعالى و معدن وحيه، و بهم عرف الله و بهم عبد الله،
و هم الثقل الأصغر الذي لا يفترق عن الثقل الأكبر و هو كتاب الله الحكيم حتى يردا
الحوض على النبيّ الكريم؛ و هم أهل الذكر الذين أمرنا الله بالسؤال عنهم بقوله:
فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ و هم صلوات الله عليهم بلّغوا رسالات الله و
أدّوا أماناته و إن كانوا هم أنفسهم «الأمانة» التي عرضها الله تعالى. و ما وصل
إلينا منهم في هذا المجال باب واسع و فصل متّسع سعى بجمعه و تنسيقه و شرحه كثير من
العلماء الذين آنسوا بجذوة من نار شجرة علم النبيّ و عترته، و اختلفوا الى عتبة
مدينة العلم و بابها، و استضاءوا بمشاعل الهداية و اهتدوا بأعلام التوحيد، منهم:
الشيخ الصدوق (المتوفى 381 ه) بجمعه أحاديث الباب في كتاب شريف سمّاه التوحيد، و
السند الحجّة الكليني (المتوفى 329 ه) بتدوينه كتاب التوحيد من جامعه الكافي، و
غيرهم من المحدّثين و المفسّرين و اللغويين و الحكماء و العرفاء و المتكلمين. و
كلّ بذل جهده في مجاله و اختصاصه جيلا بعد جيل و قرنا بعد قرن حتى اتّصلت مجاهداتهم
العلميّة بعصر الصفويّة. و هذا العصر (907- 1148 ه) يمتاز في إيران الإسلاميّة
بازدهار إقبال العلماء على تراث الأئمة المعصومين عليهم السلام في شتى الموضوعات،
فقد قام الكثير من أعاظم العلماء بجمع الأحاديث و شرحها، منهم:
السيد محمد
باقر الداماد (المتوفى 1040 ه) بتعليقه على الصحيفة السجادية و غيره، و صدر
المتألّهين الشيرازي (المتوفى 1050 ه) بشرحه على أصول الكافي و غيره، و المولى
محمّد محسن الفيض الكاشاني (1006- 1091 ه) بتأليف الوافي و غيره، و المولى محمد
باقر المجلسي (1038- 1111 ه) بتأليفه بحار الأنوار و غيره، و الشيخ محمّد حسن
الحرّ العاملي (المتوفى 1104 ه) بتأليفه وسائل الشيعة و غيره، و مئات آخرون لا
يسعنا ذكر أسمائهم و أسماء آثارهم. و ممّن اهتمّ بشرح الأحاديث- خاصّة المشكلة
منها- هو القاضي سعيد القمي بتأليفه كتب و رسائل أهمها شرحه على كتاب التوحيد
للصدوق. و نحن نقوم بتعريفه في هذه المقدّمة مجملا الى أن يوفّقنا الله تعالى
بالتفصيل في مجال آخر.
توحيد
الصدوق و شروحه: «التوحيد» [1] كتاب ألّفه المعالي الحجة الشيخ الصدوق،
محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (المتوفى 381 ه) جمع فيه أحاديث التوحيد و
ما يتعلّق به من صفات الله و أسمائه و أفعاله في سبعة و ستّين بابا و هو مشهور
بالتوحيد و توحيد الصدوق و توحيد ابن بابويه. و اشتهاره و اعتماد العلماء عليه
يغنينا عن مزيد الكلام فيه. و للتوحيد شروح، منها:
1- شرح
التوحيد للقاضي سعيد القمي و هو هذا الكتاب و سنتكلّم عنه.
2- شرح
للجزائري، السيّد نعمة اللّه بن عبد الله التستري (المتوفى 1112 ه) سمّاه أنيس
الوحيد في شرح التوحيد ألّفه سنة 1099 ه. و منه نسخة نفيسة بالمكتبة العامة
باصفهان رقم 278 [2]، استنسخ سنة 1102 ه و قرئ على المصنّف من اوّله الى آخره
سنة 1104 ه، و نسخة مستنسخة من الأولى بمكتبة
[1]
طبع غير مرّة و مستندنا طبع مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم
المشرفة باهتمام علي اكبر الغفاري، 1398 ه.