حُكْمِهِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الطَّهُورَ لَا يُفِيدُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَوْنَهُ مُطَهِّراً لِأَنَّ هَذَا خِلَافٌ عَلَى أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْرُقُونَ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ هَذَا مَاءٌ طَهُورٌ وَ هَذَا مَاءٌ مُطَهِّرٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ يَكُونُ الطَّهُورُ هُوَ الْمُطَهِّرَ وَ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَ كُلُّ فَعُولٍ وَرَدَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُتَعَدِّياً لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّياً إِلَّا وَ فَاعِلُهُ مُتَعَدٍّ فَإِذَا كَانَ فَاعِلُهُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّ فَعُولَهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ أَيْضاً أَ لَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُمْ ضَرُوبٌ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَدِّياً لِأَنَّ الضَّارِبَ مِنْهُ مُتَعَدٍّ وَ إِذَا كَانَ اسْمُ الطَّاهِرِ غَيْرَ مُتَعَدٍّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّهُورُ أَيْضاً غَيْرَ مُتَعَدٍّ قِيلَ لَهُ هَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعَانِيَ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ النَّحْوِ أَنَّ اسْمَ الْفَعُولِ مَوْضُوعٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَ تَكَرُّرِ الصِّفَةِ أَ لَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فُلَانٌ ضَارِبٌ ثُمَّ يَقُولُونَ ضَرُوبٌ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَ كَثُرَ وَ إِذَا كَانَ كَوْنُ الْمَاءِ طَاهِراً لَيْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وَ يَتَزَايَدُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي إِطْلَاقِ الطَّهُورِ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَ لَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ مُطَهِّرٌ وَ لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ لَفْظَةَ الْفَاعِلِ لَمْ
مما نزل من السماء، و إلا فربما يقال: إن" طهورا" قيد احترازي لا بياني، فلعل الأولى أن يضم إلى ذلك قولي تعالى" وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ" [1].
مما نزل من السماء، و إلا فربما يقال: إن" طهورا" قيد احترازي لا بياني، فلعل الأولى أن يضم إلى ذلك قولي تعالى" وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ"
و جملة القول في ذلك أن القوم استدلوا على مطهرية الماء بهذه الآية.
و أورد عليه بأنه ليس في الكلام ما يدل على العموم، و إنما يدل على أن ماءا من السماء مطهر. و بأن الطهور مبالغة في الطاهر، و لا يدل على كونه مطهرا بوجه.
[1]سورة المؤمنون: 18.