قيل: كان ذلك مكافأة لهن على حسن صنيعهن معه، حيث أمر بتخييرهن في
فراقه و الإقامة معه على الضيق الدنيوي، فاخترن الله و رسوله و الدار الآخرة، و
استمر ذلك إلى أن نسخ بقوله تعالى"إِنَّا أَحْلَلْنا
لَكَ أَزْواجَكَ"
الآية، لتكون المنة له صلى الله عليه و آله بترك التزويج عليهن و قال
بعض العامة: إن التحريم لم ينسخ، و في أخبارنا عكس ذلك، و أن التحريم المذكور لم
يقع، و لا هذه الخصوصية له حصلت في وقت أبدا[1].
و قال في مجمع البيان:"لا يَحِلُّ لَكَ
النِّساءُ مِنْ بَعْدُ" أي: من بعد النساء اللاتي أحللنا لك في
قولنا"إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي" الآية، و هي ستة أجناس
يجمع ما يشاء من العدة، و لا يحل له غيرهن من النساء. و قيل: يريد المحرمات في
سورة النساء، عن أبي عبد الله عليه السلام. و قيل: معناه لا تحل لك اليهوديات و لا
النصرانيات"وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَ" من أزواج أي: و لا أن
تتبدل الكتابيات من المسلمات"إِلَّا ما مَلَكَتْ
يَمِينُكَ" من الكتابيات.
و قيل: معناهلا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ من بعد نسائك اللاتي خيرتهن
فاخترن الله و رسوله و هن التسع. و قيل: إنه منع من طلاق من اختارته، كما أمر
بطلاق من لم يختره، فأما تحريم النكاح عليه فلا. و قيل أيضا: إن هذه الآية منسوخة
و أبيح له بعدها تزويج ما شاء. و قيل: إن العرب كانت تتبادل بأزواجهم فمنع من ذلك[2].