افرشوا لي في الصّحراء، ففعل ذلك. ثمّ قال: يا معلّى، قلت: لبّيك،
قال: ما ترى النّجوم ما أحسنها؟! انّها أمان لأهل السّماء فإذا ذهبت جاء أهل
السّماء ما يوعدون، و نحن أمان لأهل الأرض فإذا ذهبنا جاء أهل الأرض ما يوعدون. قل
لهم: يسرجوا البغل و الحمار ثمّ قال: اركب البغل؟ قال: فركبت و ركب الحمار، و قال:
أمامك، فجئنا الغريّين فقال: هما هما؟ قلت: نعم. قال: خذ يسرة. فمضينا حتّى
انتهينا الى موضع فقال لي: انزل: و نزل، و قال: هذا قبر أمير المؤمنين عليه
السّلام فصلّى و صلّيت.
و عن صفوان الجمّال قال: كنت أنا و عامر بن عبد اللَّه عند أبي عبد
اللَّه عليه السّلام قال:فقال له عامر: انّ النّاس يزعمون أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام
دفن بالرّحبة. قال:
كذبوا. قال: فأين دفن؟- قال: بالغريّ بين ذكوات بيض.
و عن زيد بن طلحة قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السّلام و هو
بالحيرة:أما تريد ما وعدتك؟- قال: قلت بلى؛ يعني الذّهاب الى قبر أمير
المؤمنين عليه السّلام. قال: فركب و ركب ابنه إسماعيل و أنا حتّى إذا جاز الثّويّة[1]و كان بين الحيرة و النّجف عند ذكوات بيض نزل و نزل إسماعيل و
نزلت؛ فصلّى و صلّى إسماعيل و صلّيت، فقال لإسماعيل: قم فسلّم على جدّك الحسين
عليه السّلام، فقلت: جعلت فداك أ ليس الحسين بكربلاء؟- فقال: نعم و لكن لمّا حمل
رأسه الى الشّام سرقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين عليه السّلام.
و عن عمر بن عبد اللَّه النّهديّ عن أبيه قال:دخلت على أبي عبد
اللَّه عليه السّلام فقام و ركب و ركبنا معه حتّى انتهينا الى الغريّ فصلّى فأتى
موضعا فصلّى ثمّ قال لإسماعيل: قم فصلّ عند رأس أبيك الحسين عليه السّلام. قلت: أ
ليس قد ذهب برأسه الى الشّام؟- قال: بلى و لكن فلان هو مولى لنا سرقه و جاء به
فدفنه هاهنا.
[1]قال الجزري في النهاية: «فيه ذكر الثوية هي
بضم الثاء و فتح الواو و تشديد الياء و يقال: بفتح الثاء و كسر الواو موضع
بالكوفة، به قبر أبى موسى الأشعري و المغيرة بن شعبة» و في معجم البلدان: «ذكر العلماء أنها
كانت سجنا للنعمان بن المنذر كان يحبس بها من أراد قتله فكان يقال لمن حبس بها: ثوى
أي أقام فسميت الثوية بذلك (الى آخر ما قال)».